نزول ملك قشتالة بالقوات الاحتياطية. اشتداد هجوم النصارى. ارتداد ميمنة وميسرة الجيش الموحدي. فرار الأندلسيين والعرب. هجوم النصارى على القلب. مقاومة الحرس الخليفى العنيفة. ثبات الخليفة الناصر وحثه جنده على الثبات. اختراق النصارى للقلب. اختراقهم للدائرة الخليفية المدرعة. تمزق الجيش الموحدي وكثرة ضحاياه. صمود الناصر. مصرع الآلاف من حرسه الأسود. اضطراره في النهاية إلى الفرار. مسيره صوب بياسة ثم جيان. فرار الموحدين في كل ناحية. المطاردة المروعة والقتل الذريع لهم. الاستيلاء على المحلة الموحدية وانتهاب سائر ما فيها. مختلف أسماء الموقعة. خسائر المسلمين في الموقعة. مبالغة الرواية الإسلامية في تقديرها. اعتدال الرواية النصرانية في ذلك. مبالغتها في التقليل من خسائر النصارى. ما يمكن أن يقال في ذلك. وفرة السلاح والغنائم التي استولى عليها النصارى. خيمة الناصر والعلم الموحدي. الأسباب المادية والمعنوية لتلك النكبة. آثار النكبة بالنسبة للأندلس والمغرب. توكيد التفوق السياسي والعسكرى لإسبانيا النصرانية. الفزع في أرجاء الأندلس. شبح السقوط والفناء. فناء الجيوش الموحدية والفروسية المغربية. تضعضع الدولة الموحدية وتفككها. مقارنة بين الأرك والعقاب. كتاب الناصر عن الموقعة. ألفونسو الثامن يتبع نصره بالاستيلاء على الحصون الإسلامية. مهاجمته لبياسة وحصاره لأبدة. اقتحام أبدة وقتل وسبى أهلها. ظهور الوباء وارتداد النصارى إلى أراضيهم. وصول الناصر إلى إشبيلية، ثم عبوره إلى مراكش. أخذه البيعة لولده أبي يعقوب يوسف. احتجابه بقصره. مرضه ووفاته. ما قيل في وفاته. الناصر وعهده. بدايته الحسنة. استبداده بالأمر. خلو عهده من الأعمال الإنشائية. عطله عن أنواع العلوم والمعرفة. صفات الناصر وفقاً لقول المراكشي وروض القرطاس. وزراء الناصر. قضاته وكتابه. أبناؤه.
شغل الخليفة محمد الناصر لدين الله، منذ ارتقائه العرش في أوائل سنة ٥٩٥ هـ، بحوادث إفريقية واستيلاء بني غانية على قواعدها وثغورها، والعمل على تحريرها واسترداد سيادة الموحدين بها، عن سير الحوادث في الأندلس، ولم يستطع خلال هذه الفترة التي استطالت زهاء اثنتى عشرة عاماً، أن يعنى بشىء من شئون الأندلس الجوهرية، أو يعبر إليها بنفسه، وحتى اهتمامه بافتتاح الجزائر الشرقية، لم يكن سوى نتيجة مباشرة لصراعه مع بني غانية في إفريقية.
بيد أن شئون الأندلس، كانت خلال ذلك تثير قلق الموحدين، وتوجسهم من العواقب. وكانت الممالك الإسبانية النصرانية، وفي مقدمتها قشتالة، قد لزمت السكينة حيناً منذ موقعة الأرك، ولبثت بضعة أعوام تتهيب الاشتباك مع القوات الموحدية في شبه الجزيرة، وفضلا عن ذلك فقد كانت قشتالة وليون، ترتبط كل منهما بعقد الهدنة مع الموحدين. فلما شغل الموحدون بصراعهم مع بني غانية في إفريقية، ولما استطال أمر هذا الصراع أعواماً، واتسع نطاقه وانقطع عبور الجيوش الموحدية إلى شبه الجزيرة، أدركت الممالك النصرانية أن الفرصة ْقد سنحت مرة أخرى، لاستئناف غزواتها للأراضي الإسلامية، ولم يعقها