التي تقع على مقربة من جنوبي غربي قلعة رباح، بينها وبين جبال الشارات (سييرا مورينا). وكان الخليفة يعقوب المنصور، قد انتزع قاعدة قلعة رباح المنيعة، حسبما تقدم، من أيدي فرسان جمعية قلعة رباح الدينية في سنة ١١٩٥ م، عقب هزيمة القشتاليين في معركة الأرك، ونزل أولئك الفرسان في قلعة شلبطرة القريبة منها. وكانت هذه القلعة المنيعة، فضلا هن مضايقتها لقلعة رباح باستمرار، يتخذها النصارى قاعدة لغزواتهم المخربة داخل الأراضي الإسلامية، ومنها سار القشتاليون والفرسان بالفعل للقيام بغاراتهم المخربة في أحواز جيان وبيّاسة وأندوجر قبل ذلك بقليل، في سنة ١٢٠٩ م. ومن ثم فقد آلى الناصر على نفسه أن يفتتح غزاته بالاستيلاء على تلك القلعة المنيعة.
- ١ -
ويجدر بنا بادىء ذي بدء أن نلم بطرف من أحوال اسبانيا النصرانية في تلك الآونة، التي أخذت فيها طوالع الصراع الحاسم، بين الموحدين والنصارى، تبدو في الأفق مرة أخرى. وذلك أنه حينما وقعت معركة الأرك العظيمة في سنة ٥٩١ هـ (١١٩٤ م)، لم يكن الوئام سائداً بين الممالك الإسبانية النصرانية، وخاضت قشتالة المعركة وحدها ضد الموحدين. ولم تجد قشتالة بعد هذه الهزيمة الساحقة ضماناً لسلامتها، سوى عقد الهدنة مع الموحدين، وارتضى الخليفة المنصور يومئذ، أن يعقد السلم مع النصارى، بعد أن بلغ غايته من سحق قواهم، وقمع عدوانهم.
وقضت اسبانيا النصرانية منذ معركة الأرك فترة قصيرة من الهدوء والسلام، وعُقد الصلح أخيراً بين قشتالة وليون، وذلك بزواج ألفونسو التاسع ملك ليون بالأميرة برنجيلا إبنة ألفونسو الثامن ملك قشتالة. بيد أن هذا الصلح لم يطل أمده، إذ اضطر ملك ليون أن يطلق هذه الأميرة، بعد ذلك بخمسة أعوام، بناء على تدخل البابا وضغطه المستمر. ومن جهة أخرى فإن شريفاً قشتالياً كبيراً، هو دون ديجو لوبث دي هارو، سيد بسكاية، وهو أخ لزوجة ملك ليون الأولى، دونيا أورّاكا، قد ثار لما لحق بأخته من غبن وإهانة، وارتد في أصحابه إلى أراضي نافارا، وأخذ يغير منها على أراضي قشتالة، نسار ألفونسو الثامن في قواته صوب نافارا، فخشى ملكها سانشو الثامن العاقبة، وقام بإخراج دون ديجو من مملكته، فلجأ دون ديجو إلى بيدرو الثاني ملك أراجون، فنكل عن غوثه، فاضطر أن يلتجىء عندئذ إلى