للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيد أن هذا الاسم القديم الذي يعنى " هضاب تولوسا " أو" عقاب تولوسا " قد فقد مدلوله القديم، وتدل سائر المعلومات والوثائق التاريخية، وكذلك البحوث الحديثة، على أن المعركة لم تقع في هذا المكان الذي أطلق اسمه عليها، بل وقعت شمالي هذا المكان بنحو عشرة كيلومترات، في الهضاب والبسائط، الواقعة غربي قرية " سانتا إيلينا " فيما بينها وبين قرية " ميرانده دل رى " وفي أسفل الأكمة المسماة " مائدة الملك " Mesa del Rey التي سوف نذكرها فيما بعد، وذلك حسبما يوضح لنا الرسم التخطيطى، الذي نقدمه نتيجة لدراستنا لمعالم الموقعة. ونستطيع من جهة أخرى أن نقدم دليلا على صحة هذا التحديد الطبوغرافى لميدان الموقعة، ما يعثر عليه الباحثون في هذا المكان، من آن لآخر، من السهام الموحدية الأرضية التي كانت تنصب للخيل، وقد عثرنا نحن على خمسة منها بالحفر بأنفسنا في هذه الساحة، وهي التي نقدم صورتها بعد.

حصن العقاب

وجبال الشّارات، التي لبثت عصوراً تفصل بين الأندلس، وإسبانيا النصرانية، في هذه البقعة، عبارة عن عدة متعاقبة من الجبال السوداء العالية، تفصلها هضاب وعرة أو بعض السهول المتدرجة. وقد بدأنا بعد رحلة شاقة في أعماق الجبال، استغرقت بضع ساعات، بالصعود إلى موقع الحصن، الذي يسمى بالإسبانية حصن كسترو فرال Castro Ferral ويسميه صاحب روض القرطاس، حسبما يأتي بعد، بحصن العقاب أو حصن العقبان. وهو يقع فوق قمة أحد الجبال في الصف الثالث أو الرابع تجاه بلدة سانتا إيلينا. وهو يحتل أعلى قمة في الجبل، ويقع شمال غربي سانتا إيلينا، إلى يسار المنحدر الجبلي الشهير المسمى دسبنيابروس Despenaperros ( أو منحدر الكلاب). ولم تبق اليوم من هذا الحصن سوى أطلال دارسة هي عبارة عن بقايا جدارين عاليين متواليين. ويبلغ ارتفاع الجدار الأول نحو ثمانية أمتار، وبه ثغرة كبيرة في وسطه. ويبلغ ارتفاع الجدار الثاني نحو عشرة أمتار، وهو يليه ويبعد عنه نحو خمسة أمتار. وتوجد كذلك بقية جدار جانبى إلى يمين الداخل، طولها نحو عشرة أمتار وارتفاعها نحو ستة، وفيه ثغرتان من أسفل، ومساحة هذا الطلل كلها تبلغ نحو عشرين متراً في خمسة عشر. ومازالت أسس الجدران ظاهرة في أرض المكان

<<  <  ج: ص:  >  >>