للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضربت قبة الخليفة الحمراء، فوق ربوة عالية تتوسط البسيط الذي تحتله الجيوش الموحدية، والذى يواجه مواقع الجيش النصراني. ودارت العبيد، وهم أغلبية الحرس الخليفى حول القبة من كل ناحية، وكلها مزودة بالسلاح والعدة، وضرب في نفس الوقت حول القبة الخليفية سياج من الأعمدة وعدة من السلاسل الحديدية الضخمة، وشهر جند الحرس حرابهم في اتجاه العدو، فكانت سداً منيعاً دون اختراقه الموت، وجلس الناصر في قبته مستنداً إلى درقته، ومعه أشياخ الموحدين، وربطت فرسه مسرجة أمامه، ووضعت الساقات والبنود والطبول أمام العبيد، تحت إمرة الوزير أبي سعيد بن جامع وكان بوسع النصارى أن يروا من مواقعهم العالية، جموع المسلمين التي لا تحصى، وفي قليها قبة أمير المؤمنين الحمراء (١).

أما عن تنظيم الجيش النصراني فلدينا تفاصيل كثيرة، يقدمها إلينا ردريك الطليطلى وغيره من شهود المعركة، وخلاصتها أن الجيش النصراني قسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، يتزعم كل قسم منها، ملك من ملوك النصارى الثلاثة، الأول يتكون من القلب ويقوده ملك قشتالة ألفونسو الثامن، هذا إلى جانب احتفاظه بالقيادة العليا. ويتكون الثاني من الجناح الأيمن، ويقوده سانشو ملك نافارا، ويضم فضلا عن القوات النافارية، جند سرية وآبلة وشقوبية ومدينة سالم، وفرسان فرنسا الذين يرأسهم مطران أربونة، وجند جليقية والبرتغال. ويتكون القسم الثالث من الجناح الأيسر، ويقوده بيدرو الثالث ملك أراجون، ويشتمل على قوات الطليعة والقوات التي يقودها أشراف أراجون. وقد وزع كل قسم من هذه الأقسام إلى وحدات عديدة، فوضع في القلب فرسان الداوية والأسبتارية وفرسان قلعة رباح كل منها تحت إمرة قائده الخاص، وكذلك الصفوف التي يقودها مطران طليطلة وخمسة من الأساقفة القشتاليين (٢).

وفي ليلة يوم الاثنين الخامس عشر من صفر سنة ٦٠٩ هـ (ليلة ١٦ يوليه سنة ١٢١٢ م)، استعد الفريقان لخوض المعركة، وقضى النصارى شطراً من


(١) روض القرطاس ص ١٥٨، وراجع أيضاً أشباخ في تاريخ المرابطين والموحدين، الترجمة العربية ص ٣٦٧، وكذلك:
Huici: cit. Anales Toledanes, Las G. Batallas de la Reconquista p. ٢٥٧
(٢) أشباخ الترجمة العربية، ص ٣٦٦، وكذلك: Huici: ibid ; p. ٢٥٣ & ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>