للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وملك ليون في حصار قاصرش، ولكن ألفونسو التاسع عاد فرفع الحصار للمرة الثانية، عن القاعدة الإسلامية. وفي الأعوام التالية، تكرر هجوم الليونيين على قاصرش بمعاونة جماعة من القشتاليين، وانتهى الأمر بسقوطها في أيديهم، وذلك في صيف سنة ١٢٢٣ م (٦٢٢ هـ)، بعد وفاة الخليفة المستنصر بنحو عامين.

ومن جهة أخرى فإنه بالرغم من عقد المهادنة بين قشتالة، والخليفة الموحدي، كانت العناصر النصرانية المتعصبة التي لا يروقها الكف عن محاربة المسلمين تتربص الفرص، لتجديد غزو الأندلس، وكان في مقدمة هؤلاء الحبر المتعصب، ردريجو خمينث دي رادا مطران طليطلة، فإنه قام بتجهيز حملة صليبية، وعبر إلى الأراضي الإسلامية من ناحية الشرق، واستولى على عدة من حصون المسلمين، ووصل في زحفه إلى بلدة ركّانة الواقعة غرب بلنسية، وحاول النصارى الاستيلاء على ركّانة فضربوها بالمجانيق، وهاجموها مراراً، وهدموا بعض أبراجها، ولكنهم لم يستطيعوا تحقيق بغيتهم، وارتدوا عنها خائبين. وكان ذلك في أواخر سنة ١٢١٩ م (٦١٧ هـ).

...

وكانت الأمور خلال ذلك كله، تسير في العاصمة الموحدية رتيبة راكدة، وبلاط مراكش على ما هو عليه من التواكل والسكون، والخليفة الفتى يوسف المستنصر، مكب على حياة اللهو والمرح، وأشياخ الموحدين المضطلعين بتدبير الأمور، غير حافلين بشىء، ولم توقظهم نهضة بني مرين وفورتهم الخطيرة، التي لم يحدها سوى خلافهم فيما بين أنفسهم، ولم تهزهم حوادث الأندلس وسقوط ثغر القصر، وما اقترن به من الحوادث المؤلمة، ولم يفكروا في العمل على تعزيز معاقل الأندلس، وخطوطها الدفاعية، تحوطاً للحوادث. ثم جاءت سنة ٦١٦ هـ (١٢١٨ م)، وقد هلكت الزروع ونضبت الحبوب، وانتشرت المجاعة، وارتفعت الأسعار ارتفاعاً هائلا. وكانت الأحوال الاقتصادية قبل ذلك، تسير من سيىء إلى أسوأ، وقد سجلت لنا الرواية عن أحوال المغرب في هذا الوقت صورة قاتمة، حيث كثرت الفتن بين قبائل المغرب، ونبذ أكثرها الطاعة، وقطعت السابلة، واشتد الخوف في الطرقات، وكثر اعتداء الأقوياء على الضعفاء، وكسدت التجارة، وانكمش الأخذ والعطاء لاختلال الأمن، وإغارة القبائل

<<  <  ج: ص:  >  >>