للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد هذه الصورة في بعض نواحيها صاحب روض القرطاس حين يقول في حديثه عن المستنصر: " فضعفت دولة الموحدين في أيامه، واعتراها النقص، وأخذت في الإدبار، إلا أن أيامه كانت أيام هدنة ودعة وعافية. فلما كبر، واشتغل بأمره ونهيه، واستبد بملكه، جعل يفرق أعمامه، وحواليه الذين أقاموها، وأشياخ الموحدين الذين أسسوها، وقرب أناسا وتمسك بهم، لم يكن لهم أصل فيها " (١).

هذا وقد كانت حكومة الخليفة المستنصر، تتألف من معظم الأشخاص الذين عملوا مع أبيه الناصر، فكان وزيره وزير أبيه أبو سعيد عثمان بن عبد الله بن إدريس بن إبراهيم بن جامع، وهو سليل تلك الأسرة التي استأثرت بوزارة الخلافة الموحدية زهاء نصف قرن، وكان عميدها إبراهيم بن جامع من أصحاب المهدي، واستمرت وزارته إلى آخر سنة ٦١٥ هـ، ثم صرفه المستنصر، واستوزر من بعده أحد القرابة، وهو زكريا بن يحيى بن اسماعيل الهزرجى، فاستمر في الوزارة حتى نهاية عهده، بيد أن هناك ما يدل على أن المستنصر، عاد فاستدعى الوزير أبا سعيد للعمل مرة أخرى، وذلك في أواخر عهده. وتولى الكتابة للمستنصر كاتبا أبيه وجده من قبل، وهما أبو عبد الله بن عياش، وأبو الحسن بن عياش، ولما توفيا متعاقبين في شهور سنة ٦١٩ هـ، استدعى للكتابة أبو عبد الله محمد ابن يخلفتن الفازازى، كاتب الناصر من قبل، وكان عندئذ يشغل منصب القضاء بمرسية، وعين معه للكتابة أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عياش، وبقى كاتب الجيش أحمد بن منيع، وهو كاتب الناصر من قبل، في منصبه دون تغيير. وتولى الحجابة للمستنصر، مبشر الخصى حاجب أبيه، ولما توفي خلفه في الحجابة فارح الخصى المعروف بأبي السرور، واستمر في الحجابة حتى وفاة المستنصر. وتولى القضاء للمستنصر، أبو عمران موسى بن عيسى بن عمران قاضي أبيه، فلم يزل في منصبه حتى نهاية عهده، وهذا القاضي هو أيضاً، حفيد أسرة استأثرت بمناصب القضاء منذ أيام عبد المؤمن، وكان عميدها أبو عمران موسى الضرير صهر عبد المؤمن.

ولم ينجب المستنصر ولدا، ولم يعقب إلا حملا من جارية، لم تذكر لنا الرواية مصيره (٢).


(١) روض القرطاس ص ١٦١.
(٢) روض القرطاس ص ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>