للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه إلى ابن عمه (والصحيح ابن أخيه)، أبي زكريا يحيى بن الناصر (١) ثم يؤيدها بعد ذلك بصورة قاطعة، ما حدث عقب استيلاء المأمون على العرش، من قتله لأشياخ الموحدين، جزاء لهم على نكث بيعته بعد عقدها (٢).

وعلى أي حال فقد انتهى الموحدون بمراكش، إلى البيعة ليحيى بن الناصر. ويقول ابن عذارى إن هذه البيعة قد تمت في اليوم الثاني والعشرين من شهر شوال أعني في نفس اليوم الذي قتل فيه العادل (٣)، وهذا ما لا يتفق مع سير الحوادث، وعقد البيعة للمأمون ثم النكث بها، ومن ثم فإنا نوثر الأخذ برواية صاحب روض القرطاس وهو أن بيعة يحيى قد تمت في اليوم الثامن والعشرين من شهر شوال سنة ٦٢٤ هـ (٤)، أعني بعد مصرع العادل بأسبوع، وهو أكثر اتفاقاً مع المنطق. وكان يحيى بن الناصر، هو الذي اجتنى ثمرة الجريمة، وليس أخو الخليفة المقتول، وقبض بعد ذلك بأشهر قلائل على الوزير السابق أبي زيد بن يوجان، وولده الأكبر بالرغم من اختفائهما وقتلا، وذلك لما نسب إليهما من تحريض عرب الخُلط وهسكورة على الاستمرار في عيثهما (٥).

وتلقب يحيى بن الناصر، بالمعتصم، وكان وقت تقلده الخلافة، فتى حدثاً في السادسة عشرة من عمره، وامتنع من بيعته عرب الخُلط، وقبيلة هسكورة، وبقيا على ولائهما في بيعة المأمون.

ولما وصلت هذه الأنباء إلى المأمون بالأندلس، استشاط سخطاً وغضباً، وكان قد أخذ بالفعل في الأهبة للمسير، وقصد إلى الجزيرة الخضراء ليجوز منها إلى العدوة، فارتد إلى إشبيلية، وقد آلى على نفسه أن يعمل بكل ما وسع لانتزاع عرش الخلافة، والانتقام من أولئك الأشياخ المنافقين الذين غدروا به ونكثوا بيعته.

بيد أنه يجب قبل أن نتتبع مصاير الخليفة المأمون، وما اقترن بعهده من أحداث المغرب، أن نقف لحظة لكي نستأنف الكلام على سير الحوادث بالأندلس.


(١) الإحاطة (١٩٥٦) ج ١ ص ٤١٩.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٦٥.
(٣) البيان المغرب ص ٢٥٣.
(٤) روض القرطاس ص ١٦٥.
(٥) الروض المعطار ص ٦٩ و ٧٠.،،،،،،

<<  <  ج: ص:  >  >>