للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندبتم إلى حماية إخوانكم، والذب عن كلمة إيمانكم، نسقتم الأقوال وهي مكذوبة، ولفقتم الأعذار وهي بالباطل مشوبة، لقد آن لكم أن تبدلوا جل الخرصان، إلى مغازل النسوان، وما لكم ولصهوات الخيول، وإنما على الغانيات جر الذيول، أتظهرون العناد تخريصاً، بل تصريحاً وتلويحاً، ونظن أن لا يجمع لكم شتاً ولا يدنى منكم نزوحاً. أين المفر وأمر الله يدرككم، وطلبنا الحثيث لا يترككم، فأزيلوا هذه النزعة النفاقية من خواطركم، قبل أن نمحوا بالسيف أقوالكم، وأفعالكم، ونستبدل قوماً غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم " (١).

ومن نظمه قوله عند ظفره بخصومه الناكثين بيعته، وقتلهم وتعليق رؤوسهم:

أهل الحرابة والفساد من الورى ... يعزون في التشبيه بالذكار

ففساده فيه الصلاح لغيره ... بالقطع والتعليق في الأشجار

ذكارهم ذكرى إذا ما أبصرو ... فوق الجذوع وفي ذرى الأسوار

لو عم عفو الله سائر خلقه ... ما كان أكثرهم من أهل النار

ووزر للمأمون الشيخ أبو زكريا بن أبي الغمر، وكتب له عدة من أعلام البلاغة في ذلك العصر، منهم أبو زكريا الفازازى، وأبو المطرّف بن عميرة المخزومي، قطب البلاغة بالأندلس يومئذ، وأبو الحسن الرُّعينى، وأبو عبد الله بن عيّاش، وأبو العباس بن عمران، وغيرهم (٢).

وأما عن شخصه فقد كان المأمون أبيض اللون، معتدل القامة، جميل المحيا، أكحل العينين، فصيح اللسان، حسن الصوت والتلاوة (٣).

وترك المأمون عدة من البنين هم، أبو محمد عبد الواحد الرشيد ولي عهده والخليفة من بعده، وعبد الله، وعبد العزيز، وعثمان، وأبو الحسن على، الملقب بالسعيد، والوالى بعد أخيه الرشيد، وترك كذلك عدة من البنات، وأمهات الجميع روميات وسريات مغربيات (٤).


(١) وردت هذه الرسالة في البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٦٦ و ٢٦٧، وفي الإحاطة (١٩٥٦) ج ١ ص ٤٢٢، و ٤٢٣.
(٢) البيان المغرب ص ٢٨٣، والإحاطة ج ١ ص ٤٢٤.
(٣) روض القرطاس ص ١٦٦.
(٤) البيان المغرب ص ٢٨٢ و ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>