للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرعان ما قوي أمره، وذاع ذكره، وأطاعته من قواعد الشرق شاطبة، وجزيرة شقر وما والاهما، وأعلنت بطاعته عدة من قواعد الأندلس الوسطى والجنوبية، مثل جيان وقرطبة، حيث قتل أهلها واليها الموحدي السيد أبا الربيع، وأخرجوا منها الموحدين، وكذلك أطاعته غرناطة ومالقة وألمرية.

ولما ذاع أمر ابن هود، ووقف السيد أبو العُلى بإشبيلية - وكان يومئذ قد غدا الخليفة المأمون - على ما حدث في الشرق. من هزيمة الموحدين، وضياع مرسية، ووصله صريخ السيد أبي زيد، أهمه ذلك، وكان على وشك العبور إلى العدوة، فآثر أن يبادر إلى الشرق لحسم الأمر قبل استفحاله، فغادر إشبيلية، وسار في بعض قواته صوب مرسية. وهنا تختلف الرواية حول ما حدث بينه وبين ابن هود، فهناك قول بأنه اشتبك مع ابن هود على مقربة من مرسية في معركة ْهزم فيها ابن هود، وارتد إلى مرسية فامتنع بها، وذلك في أواخر سنة ٦٢٥ هـ، وعاد المأمون ظافراً إلى إشبيلية، فامتدحه الشعراء وأجزل لهم العطاء (١). ويزيد ابن الخطيب هذه الرواية تفصيلا فيقول، إن المأمون تحرك في جيش إشبيلية باستدعاء أخيه السيد أبي زيد والي بلنسية (٢)، فتحرك المأمون إليه، واحتل غرناطة في رمضان من عام خمسة وعشرين وستمائة، وأنفذ منها كتابه إليه يشجعه، ويعلمه بنفوذه إليه، وانضم إليه جيش غرناطة وما والاها، ثم سار نحو الشرق، فبرز ابن هود إلى لقائه، فكان اللقاء بخارج لورَقة، فانهزم ابن هود، وفر إلى مرسية وعساكر الموحدين في عقبه (٣). وفي رواية أخرى أنه لم يقع قتال، ولكن المأمون حاصر مرسية، حينا فامتنعت عليه فكرّ راجعاً إلى إشبيلية، وذلك في أوائل سنة ٦٢٦ هـ (١٢٢٩ م) (٤).


(١) البيان المغرب - القسم الثالث ص ٢٥٨، ويورد لنا ابن عذارى عدة من القصائد التي ألقيت بهذه المناسبة، وكذلك ابن خلدون ج ٤ ص ١٦٨.
(٢) الإحاطة (القاهرة ١٩٥٦) ج ١ ص ٤٢٠. وقد وهم ابن الخطيب هنا في وصف السيد أبي زيد والي بلنسية بأنه أخ للمأمون والحقيقة أن السيد أبا زيد وهو عبد الرحمن بن محمد بن يوسف ابن عبد المؤمن - إنما هو ابن عم المأمون (وهو إدريس بن يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن) لا أخوه. وابن الخطيب يصرح نفسه في ترجمته للسيد أبي زيد الواردة في الإحاطة أيضاً (مخطوط الإسكوريال ٦٧٤ أالغزيرى لوحة ١٣٨ أ) فيذكر نسبته الحقيقية، وهي كما تقدم، عبد الرحمن بن محمد بن يوسف ابن عبد المؤمن. وذكر المقري من جهة أخرى أن السيد أبا زيد هو عبد الرحمن بن السيد أبي عبد الله محمد بن أبي حفص بن عبد المؤمن. (نفح الطيب ج ٢ ص ٥٧٧).
(٣) الإحاطة (١٩٥٦) ج ١ ص ٤٢٠.
(٤) الروض المعطار ص ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>