للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الريح (١). وفي رواية أخرى أن بعض المسلمين، ومنهم بالأخص واحد كان قد تنصر، ساعدوا القشتاليين على تحقيق خطتهم، وبينوا لهم أن الشرقية، ليس بها سوى قليل من السكان، وأن أسوارها الخارجية ضعيفة الحراسة، ومن ثم فقد استطاع القشتاليون، بإرشاد هذا المسلم المتنصر، أن يتسلقوا السور، وأن يستولوا على الشرقية بطريق المباغتة، وكان هذا السور، هو أول الأسوار الخارجية، وليس هو السور الذي يفصل الشرقية عن باقي أحياء المدينة، وقتل من أهل الشرقية عدد كبير، وهرب الباقون إلى داخل المدينة. واحتل النصارى بعض الأبراج المنيعة في السور. وفي الحال وقع الهرج بالمدينة، وتقدم المدافعون لمهاجمة النصارى، وقتل عدد من الجانبين، ولكن النصارى لبثوا صامدين في الأبراج، وأرسلوا في الحال يطلبون الإمداد (٢).

وتجمل الرواية الإسلامية، ذلك العدوان المفاجىء في قولها: " وفيها (أي في سنة ٦٣٣ هـ) غدر النصارى شرقية قرطبة، وذلك في ثالث شوال، غبشاً في غفلة السحار، وسلم الله عز وجل النساء والذرارى حتى لحقوا بالغربية، وبقى الناس معهم في قتال شديد " (٣).

ووصل نداء القشتاليين إلى إخوانهم على الحدود بسرعة، وفي الحال هرع اثنان من قادة الحدود، هما أردونيو ألباريث، وألبار بيرث، الذي عرفناه من قبل، كل في قواته، وتبعهما أسقف بياسة مع رجاله، ثم أسقف قونقة في قواته، وسار في أثرهم آخرون. وما كادت هذه الأنباء تصل إلى فرناندو الثالث ملك قشتالة، وهو في بنفنتى على مقربة من ليون، حتى اهتم لها أيما اهتمام، وكان ثمة من وزرائه ومستشاريه من يرى في الأمر كثيراً من الخطورة والتعقيد، فهو يرتبط أولا مع ابن هود باتفاق الهدنة، وقرطبة تدين بطاعة ابن هود، وقرطبة مدينة عظيمة، تزخر بالسكان والمدافعين، ولا يتأتى افتتاحها إلا بقوات ضخمة، ومن جهة أخرى فإن ابن هود قد يضطر إلى إنجادها بقواته، خصوصاً وأن قرطبة تعتبر في نظر المسلمين كبرى قواعد الأندلس، ولها في نفوسهم مكانة خاصة.


(١) Cronica General (Ed. M. Pidal) No. ١٠٤٤.
(٢) J. Gonzalez: ibid ; cit. Cronica Latina y Jimenez de Rada ; p. ٧٤-٧٦ y notas.
(٣) هذه رواية روض القرطاس (ص ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>