للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرافيدي، وأن يعاونه في حروبه ضد أعدائه، وأن يشهد اجتماع الكورتيس (مجلس قشتالة النيابى) كل عام باعتباره من الأمراء التابعين للعرش (١).

وهكذا استطاع ابن الأحمر أن يعقد السم مع ملك قشتالة القوي بهذا الثمن الفادح. بيد أنه استطاع في ظل هذا السلم، المشوب بكدر الخضوع والمهانة، أن ينصرف إلى العمل على توطيد مملكته وتنظيم شئونها، وتنمية مواردها.

واستطاع ملك قشتالة من جانبه، أن ينصرف إلى فتوحاته في أراضي الأندلس التي لم يشملها هذا الصلح، وهي الواقعة في غربي مملكة غرناطة، وكانت أعظمها حاضرة إشبيلية قاعدة غربي الأندلس كله، وقد استولى عليها فرناندو الثالث في ٢٧ رمضان سنة ٦٤٦ هـ (٢٣ نوفمبر ١٢٤٨ م) بعد حصار طويل وذلك حسبما نفصل بعد في موضعه، وكان أشد ما في حوادث هذا الحصار إيلاما للنفس، هو أن ابن الأحمر اضطر أن يشترك فيه مع القشتاليين بقوة من فرسانه، تنفيذاً للعهد الذي قطعه على نفسه في معاهدة الصلح مع ملك قشتالة. وفي الرواية الإسلامية ما يدل على أنه كان في كل عام يسعى إلى الاجتماع بملك قشتالة، وفقاً لنصوص هذه المعاهدة، باعتباره من الأمراء الخاضعين لطاعته (٢).

وكان ابن الأحمر حينما شعر بتوطد سلطانه، واستقرار الأمور في مملكته، قد اختار لولاية عهده ولده الأمير أبا سعيد فرج بن محمداً بن يوسف بن نصر. ولكن هذا الأمير توفي في سنة ٦٥٢ هـ (١٢٥٤ م) (٣) فلبثت ولاية العهد شاغرة نحو ثلاثة أعوام. ثم اختار ابن الاحمر لولاية عهده ولده محمداً الملقب بالفقيه، وذلك في سنة ٦٥٥ هـ (١٢٥٧ م)، وهو الذي خلفه بعد وفاته على عرش غرناطة (٤).

وفي سنة ٦٥٩ هـ ساءت العلاقات بين ابن الأحمر وبين الفقيه أبي القاسم العزفى صاحب سبتة، لأسباب لم تذكرها الرواية، فسير ابن الأحمر سفنه لغزو سبتة. فخرجت من الجزيرة الخضراء بقيادة أمير البحر ظافر، ونفذت إلى مياه سبتة،


(١) Cronica General (Ed. Pidal) Vol. ١ p. ٧٤٦. وكذلك J. Gonzalez: ibid ; p. ٩٥
(٢) البيان المغرب ص ٤١٠.
(٣) الذخيرة السنية ص ٨٨.
(٤) البيان المغرب ص ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>