للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى فتح بلنسية، وأنه لن يعود إلى المرور بطرويل أو عبور نهر طرطوشه (نهر إيبرو) قبل أن تسقط بلنسية في يده، وأنه تأكيدا لذلك سوف يصحب معه الملكة والأميرة ابنته (١). وفي شهر مارس سنة ١٢٣٨ م، خرج خايمى في قواته متجهاً إلى الجنوب صوب بلنسية، ووصلته أثناء مسيره رسائل من معظم الحصون الإسلامية القريبة من بلنسية تعلن الدخول في طاعته، وفي مقدمتها المنارة، ونوليس، وبطرنة، وبوليا، وأوشو، وغيرها. ولم تكن قوات ملك أراجون، عند مسيره، تعدو بضع مئات من فرسان الداوية والأسبتارية وقلعة رباح، والفرسان الملكيين، وبضع آلاف من الرجّالة، ولكن هذا الجيش تضخم فيما بعد أمام بلنسية، بمن انضم إليه من أشراف وأحبار أراجون وقطلونية وأجنادهم العديدين، ومن حشود الحرس الوطنى ببرشلونة، وحشود المتطوعين الفرنسيين بقيادة مطران أربونة، وكانوا جماعة كبيرة من الفرسان، ونحو ألف من المشاة. وقد جاء معظم هذه القوات بطريق البحر، وانضمت كلها إلى الجيش الفاتح. وعول الملك خايمى على أخذ بلنسية بالحصار، فطوقها أولا بالقوات التي جاءت معه، وضرب محلته بين المدينة، وبين خليج جراو (الميناء). ولما انثالت الأمداد، وحشود المتطوعة على الجيش الأرجوني، شدد في إحكام الحصار حول المدينة، وقطع علائقها مع الخارج. وتقدر الرواية النصرانية عدد القوات التي اشتركت في حصار بلنسية بعشرة آلاف فارس، وستين ألف راجل. وكانت هذه القوات تمون بسهولة، عن طريق البحر من ثغور بنشكلة وبرّيانة وقسطلونة، وقد افتتحها الأرجونيون قبل ذلك بقليل.

وبدأ حصار بلنسية في الخامس من شهر رمضان سنة ٦٣٥ هـ (أبريل سنة ١٢٣٨ م) (٢) وشدد النصارى في التضييق على المدينة المحصورة، وبدأوا يضربونها بالآلات المخربة. وكانت بلنسية، مذ هزمت قواتها، وسقط أبناؤها في موقعة أنيشة، قبل ذلك بأشهر قلائل، قد ساءت أحوالها، وانهارت قوي شعبها المعنوية وأخذت تتوقع سوء المصير. بيد أنه لما ظهر النصارى تحت أسوارها، وبدت طلائع المعركة الأخيرة، اعتزم البلنسيون أن يدافعوا عن مدينتهم حتى آخر رمق. ولم يكن أميرهم أبو جميل زيان أقل عزماً منهم في مدافعة النصارى، فوجه بعض


(١) M. Lafuente: ibid ; cit. Hist. del Rey don Jaime, T. IV. p. ٨٥
(٢) ابن الأبار في التكملة (القاهرة) في الترجمة رقم ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>