للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نذيراً بانهيار قوي بلنسية الدفاعية، نذيراً بأن مصير بلنسية ذاتها، قد بت فيه، وأن النهاية قد أضحت وشيكة الوقوع (١).

- ٢ -

وكانت أسباب المرحلة الثانية والأخيرة من افتتاح بلنسية تتهيأ وتدنو بسرعة. وكان سقوط قرطبة، قبل ذلك بأكثر من عام، في يد فرناندو الثالث ملك قشتالة، وتغلبه على معظم المنطقة الشمالية من الأندلس الوسطى، مما يدفع خايمى إلى التعجيل بفتح بلنسية خشية أن يمتد زحف القشتاليين إلى تلك المنطقة، ويقع الخلاف بين المملكتين، وذلك بالرغم من أن أراجون، قد اختصت بمقتضى معاهدة كاسولا Cazola، المعقودة مع قشتالة منذ سنة ١١٧٩ م، بافتتاح قطاع بلنسية. وكان مما يشجع خايمى على هذا التعجيل، ثقته في أن همم المسلمين الدفاعية قد خبت من جراء موقعة أنيشة، وأن مواردهم قد تضاءلت. وكان هذا شعور البلنسيين أنفسهم، حسبما يعبر لنا عنه كاتب بلنسية المبدع أبو المطرف ابن عميرة في إحدى رسائله المبكية عن سقوط بلنسية (٢). ثم جاءت وفاة ابن هود في جمادى الأولى سنة ٦٣٥ هـ (يناير ١٢٣٨)، عقب موقعة أنيشة بقليل، لتزيد من ثقة خايمي، بأنه لم يبق ثمة أمل لأهل بلنسية في أن يأتيهم الإنجاد من أية جهة أندلسية.

ومن ثم فقد عكف خايمي على إعداد عدته لهذا الفتح. وكان قد عقد الكورتيس في مونتشون لكي يوافق على ضريبة المرافيدى Matavedi، وهي ضريبة تؤدى مرة كل سبعة أعوام، واستمر في أهبته حتى جهزت الحشود التي اعتزم أن يسيرها لافتتاح بلنسية، وهي حشود قليلة حسبما يتضح من أرقامها بعد. ووصله أثناء ذلك نبأ وفاة خاله دون برناردو قائد حامية أنيشة، وكان بعض مستشاريه يرى أن يترك هذا الموقع، ولكنه أصر على الاحتفاظ به، وعين ولد المتوفى مكانه لقيادة حاميته، وكانت تتألف من خمسين فارساً.

ولما أتم خايمي أهباته، أقسم بين يدي الأشراف والقادة، أنه سوف يسير


(١) راجع في موقعة أنيشة: ابن الأبار في التكملة (الأندلسية) رقم ١٩٩١ (ج ٢ ص ٧٠٩)، وابن عبد الملك في "الذيل والتكملة" (مخطوط الإسكوريال ١٦٨٢ في ترجمة أبي الربيع بن سالم)، وابن خلدون ج ٦ ص ٢٨٣، ونفح الطيب ج ٢ ص ٥٨٦، وكذلك في: M. Lafuente ; ibid. T. IV. p. ٨٤
(٢) الروض المعطار ص ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>