للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالوصاية عليه لزوجه أروزندا. ولكن الأشراف لم يرضوا عن حكم طفل وامرأة، وانضم إليهم فريق من الشعب، ولم تلبث جلّيقية أن اضطرمت بثورة قوية على رأسها زعيم يدعى مورجات - وفي الرواية العربية مورقاط - وهو ولد غير شرعي لألفونسو الأول من جارية عربية، فاستولى على جليقية الغربية، وانضم إليه كثير من الأشراف والزعماء الذين اشتركوا في محاربة فرويلا خشية أن يستقر الملك لابنه فيبطش بهم فيما بعد، ففر ألفونسو إلى ألبة حيث عصبة أمه وعشيرتها، وقد كانت بسكونية حسبما تقدم. ورأى مورجات أن يوطد مركزه وسلطانه بالتحالف مع المسلمين، وتحالف حزب ألفونسو مع الفرنج أعداء المسلمين، واتخذ مورجات قاعدة حكمه في مدينة برافيا في قاصية جليقية. وكان رجال الدين ومن إليهم من النصارى والمتعصبين يبغضونه ويثيرون الشعب عليه، لأنه بالغ في التودد إلى المسلمين والتقرب إليهم، ولأنه يمت إليهم بصلة الدم بواسطة أمه العربية. ولكنه استطاع مع ذلك أن يحكم مملكته الصغيرة حتى وفاته في سنة ٧٨٩ م (١).

وتشير الرواية العربية إلى طرف من هذه الحوادث، وتقول لنا إن مورقاط (مورجات) وثب على أذفنش (ألفونسو) فقتله، ولكن ألفونسو لم يقتل كما قدمنا. وسنرى أنه يتولى الملك ويخوض مع المسلمين في الأعوام التالية كثيراً من الوقائع. وتقول الرواية العربية أيضاً، إن المسلمين انتهزوا فرصة الاضطراب الذي وقع في جليقية، من جراء هذه الحوادث، فسار إليها وإلى طليطلة وغزاها وأثخن فيها (٢)، وهذا ما لا تشير إليه الرواية النصرانية. والظاهر أن المسلمين أغاروا على ألبة والقلاع، لأنهم كانوا على وئام وتحالف مع مورقاط أمير جليقية. ووقعت هذه الغزوة حسبما تشير الرواية العربية حوالي سنة ١٦٩هـ (٧٨٦ م) أعني في أواخر عهد عبد الرحمن الداخل.

وكان طبيعياً بعد أن توفي مورجات عميد الثورة ومغتصب الملك، أن يعود العرش إلى صاحبه الشرعي، أعني ألفونسو ولد فرويلا. ولكن الأشراف لبثوا


(١) Aschbach: ibid , I.p. ١٦٥-١٦٦
(٢) راجع ابن الأثير ج ٦ ص ٢٢؛ وابن خلدون ج ٤ ص ١٨٠، ويسمى مورقاط هنا بسمول قاط وهو تحريف أو خطأ مطبعي على ما يظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>