النصارى للمهاجرين. مسيرهم إلى العدوة ومختلف أنحاء الأندلس الباقية. عبور القائد شقاف وزملائه إلى سبتة. مصيرهم المؤسى. دخول فرناندو الثالث إشبيلية. تحويل الجامع الأعظم إلى كنيسة. تقسيم دور المسلمين بين الفاتحين. إشبيلية تغدو عاصمة قشتالة. تأملات عن سقوط إشبيلية. افتتاح القشتاليين لقواعد هذه المنطقة. خضوع ابن محفوظ صاحب لبلة. خضوع صاحب شريش. أحوال شريش بعد ذلك. سقوط قادس. القاضي ابن محفوظ ومدى رياسته. تفاهمه مع ملك قشتالة. نزوله عن بعض الحصون والأماكن. استيلاء البرتغاليين على ميرتلة وشلب وطبيرة وشنتمرية الغرب. خروج ابن محفوظ على ملك قشتالة ألفونسو العاشر. مسير ألفونسو إلى لبلة ومحاصرتها. مناعة لبلة وصمودها. إطلاق المسلمين منها آلات تشبه المدافع. تسليم لبلة. مصير ابن محفوظ. الخلاف بين البرتغال وقشتالة على بعض قواعد الغرب. فرناندو الثالث. إشادة الرواية النصرانية بعبقريته. يعتبر قاهر الأندلس الحقيقي. البابا يسبغ عليه صفة القداسة.
- ١ -
في نفس الوقت الذي كانت فيه قواعد الشرق، تسقط تباعا في أيدي الأرجونيين، كان ملك قشتالة فرناندو الثالث، منذ استولى على قرطبة عاصمة الخلافة القديمة في شوال سنة ٦٣٣ هـ، يتابع غزواته وفتوحه في منطقة الأندلس الوسطى.
وكان محمد بن الأحمر أمير غرناطة، يعمل خلال هذه الفترة على توطيد مركزه في الأندلس الجنوبية، وقد قوي أمره، واشتد ساعده، ونمت موارده، باستيلائه على ألمرية ومالقة عقب وفاة ابن هود، وغدا يبسط سلطانه على سائر المنطقة الممتدة من جنوبي الوادي الكبير حتى البحر، ومن ألمرية غربا حتى رندة.
ولم ينس ابن الأحمر أمر المنطقة الشمالية التي بدأ منها، والتي بها موطنه ومنشأ أسرته، وهي منطقة جيان وأرجونة. وكان القشتاليون، منذ استيلائهم على قرطبة، قد عاثوا مراراً في تلك المنطقة، وخربوا ربوعها، فلما شعر ابن الأحمر باشتداد ساعده وتكاثر جمعه، اعتزم أن يسير لقتال القشتاليين، وأن يعمل على تحرير تلك المنطقة من عيثهم، فخرج من غرناطة في قوة كبيرة، وقصد إلى مرتش وهي بلدة حصينة تقع جنوب غربي جيان، وكانت بيد القشتاليين، وضرب حولها الحصار، (سنة ٦٣٦ هـ)، ولكن النصارى قدموا لإنجادها بسرعة، واضطر ابن الأحمر أن يرفع الحصار. وهنا وقعت بينه وبين القشتاليين بقيادة دون ردريجو ألونسو، وهو أخ غير شرعى لفرناندو الثالث، معركة عنيفة هزم فيها القشتاليون هزيمة شديدة، وقتل منهم وممن كان معهم من فرسان