للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمؤن، وثالثا أن تحكم محاصرتها من ناحية البحر بالسفن حتى لا يتسرب إليها شىء من الأمداد من وراء البحر.

وقد انتهى ملك قشتالة، بعد التشاور مع أكابر قادته وفرسانه، بأن قرر أن يلتجىء إلى وسيلة الحصار لإخضاع الحاضرة الأندلسية الكبرى، وأن يسير سفنه من الثغور الشمالية إلى مصب الوادي الكبير، ليحول دون تلقى المسلمين لأية أمداد أو مؤن تأتى من عدوة المغرب.

وفي خريف سنة ١٢٤٦ م (أوائل سنة ٦٤٤ هـ) حشد ملك قشتالة بعض قواته، ولاسيما من فرسان شنت ياقب وفرسان قلعة رباح، وجيش قرطبة، وسار في قواته صوب إشبيلية، وعبر الوادي الكبير تجاه قرمونة، وأخذ ينتسف زروع هذه المنطقة ويخرب ضياعها، ويأسر من يلقى من المسلمين. وهنالك على مقربة من قرمونة، وافاه ابن الأحمر حليفه وتابعه في قوة قوامها خمسمائة فارس، مقدماً عونه وفقاً لعهوده. وسارت القوات المشتركة جنوبا نحو قلعة جابر (١) حصن إشبيلية من الجنوب الشرقي، وانتهى ابن الأحمر بإقناع حاميتها الإسلامية بتسليمها حقنا للدماء، وصونا للأموال والأرزاق، وتسلم فرناندو الثالث القلعة، ووضع بها حامية نصرانية، وأخذ النصارى في إصلاحها وتحصينها (٢). وبعث فرناندو بعد ذلك بعض قواته بقيادة أخيه دون ألفونسو وبلاى كوريا أستاذ فرسان شنت ياقب، لكي تعبر الوادي الكبير غربا، وتقوم بتخريب فحص الشّرف الممتد أمام إشبيلية، وبعث حملة مشتركة من قوات غرناطة وقشتالة وفرسان قلعة رباح، لتسير جنوبا، ولتقوم بتخريب فحص شريش. وفي الوقت الذي كانت تقوم فيه هاتان الحملتان كل بمهمتها، ورد على ملك قشتالة نبأ وفاة والدته، فأمر باختتام الغزو، وصرف ملك غرناطة، في قواته، وسار إلى قرطبة ومنها إلى جيان، وهنالك قضى جانبا من الشتاء.

وكانت هذه أول مرحلة في افتتاح إشبيلية. وفي أثناء ذلك كان أمير البحر رامون بونيفاس، قد حشد في ثغور كنتبريا أسطولا قويا، وشحنه بالبحارة والجند والمؤن. وحصل فرناندو من البابا على قرار بأن تخصص الكنيسة القشتالية والليونية ثلث إيراداتها للمساهمة في نفقات الحرب. ولما تمت هذه الأهبة سار


(١) وهي بالإسبانية Alcala de Guadaira.
(٢) راجع الذخيرة السنية ص ٧٢ و ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>