للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرناندو إلى قرطبة، وهي التي اتخذها مركزاً لتجهيز الحملة (صيف سنة ١٢٤٧ م) وهنالك احتشدت قوات جماعات الفرسان الدينية، وقوات ليون وبطليوس وغيرها، وسير فرناندو بعض قواته إلى قرمونة، وهي أمنع حصون إشبيلية الأمامية من ناحية الشمال الشرقي، فخربت سائر البسائط المحيطة بها، ثم لحقت بها بعد ذلك قوات أخرى من مختلف ولايات قشتالة، وتزيد الرواية النصرانية على ذلك أن قوات غرناطة، كانت ضمن الحشود الوافدة على قرمونة، وهو ما يعنى اشتراك ابن الأحمر في جيش الغزو القشتالي لإشبيلية (١). والواقع أن الرواية الإسلامية حسبما نرى بعد، تؤيد وجود ابن الأحمر وجنده، تحت أسوار إشبيلية إلى جانب القوات القشتالية المحاصرة (٢). وطوق النصارى قرمونة بحشود ضخمة، فلما رأى أهل قرمونة ضخامة هذه الحشود، وأيقنوا بعبث الدفاع، عرضوا تسليم المدينة بعد ستة أشهر، إذا لم تصلهم خلالها نجدة ما، فقبل ملك قشتالة هذا العرض، ثم سار في قواته صوب إشبيلية من طريق شمالية بحذاء الوادي الكبير، واستولى في طريقه على لورة بالأمان، واعترف أهلها بطاعته، ثم سار بعد ذلك إلى قنطلانة، الواقعة شمالي إشبيلية على الوادي الكبير، وهاجمها، واقتحمها عنوة، وأسر منها سبعمائة مسلم، وقصد بعد ذلك إلى غليانة، فسلم أهلها اعتباراً بما حدث لقنطلانة، وكذلك سلمت جرينة القريبة منها، وبعث فرناندو بعد ذلك قوة إلى بلدة القلعة الحصينة الواقعة على الوادي الكبير (٣)، على مقربة من شمالي إشبيلية، فصمدت حاميتها وصممت على المقاومة. وكان أهل إشبيلية قد شحنوها بالجند والمؤن تقديراً لأهميتها في الدفاع عن المدينة. واضطر فرناندو أن يحاصرها، وضربها القشتاليون بالآلات، وخرجت حاميتها غير مرة لتشتبك مع النصارى في معارك عنيفة، وقام النصارى بتخريب سائر ما حولها من الكروم والزروع، وأخيرا رأى قائد الحصن أبو الحسن بن أبي على حاكم قرمونة السابق، أنه من العبث أن يستمر في الدفاع على هذا النحو، فاتفق مع ملك قشتالة على أن ينسحب في جنده، وهم ثلاثمائة فارس إلى إشبيلية، وأن


(١) Cronica General (Ed. Pidal) V. II. p. ٧٤٩
(٢) ابن خلدون ج ٧ ص ١٩٠.
(٣) قنطلانة هي بالإسبانية Cantillana، وغليانه Guillena، وجرينة هي Gerena، والقلعة أو قلعة النهر هي Alcala del Rio

<<  <  ج: ص:  >  >>