للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحماية أسطولهم من الهجمات الفجائية من الأمور الشاقة، إذ كانت حامية حصن الفرج الإسلامية، وهو حصن إشبيلية الجنوبى الواقع على النهر، تهدد القوات القشتالية المرابطة على النهر باستمرار، وفضلا عن ذلك فقد كان طريق الشرف مفتوحا أمام ابن محفوظ صاحب لبلة، وكان بوسعه أن يفاجىء القشتاليين في أية لحظة. وفي الوقت الذي كان فيه ملك قشتالة يمهد لتنفيذ خطته في حصار إشبيلية، كان أهل إشبيلية من جانبهم يستعدون للذود عن مدينتهم بكل ما وسعوا. وقد سجل لنا التاريخ، ولاسيما عن طريق الرواية النصرانية، عن دفاع أهل إشبيلية، صحفاً رائعة من البسالة والتضحية. ولكن الرواية الإسلامية، لا تقدم إلينا مع الأسف تفاصيل شافية عن هذا الدفاع. بل هي لا تذكر لنا سوى القليل عن الزعماء الذين قادوا هذه المعركة الدفاعية المجيدة، التي استطالت خمسة عشر شهراً. فهى لا تعرفنا بشىء عن القائد شقّاف وزملائه، يحيى بن خلدون، وابن شعيب، ومسعود بن خيار، وهم زعماء إشبيلية، الذين ألقى القدر عليهم تبعة السهر على مصايرها، في تلك الفترة الدقيقة، وكل ما هنالك أنها تحدثنا عن شقاف في كلمة عابرة، وتصفه " بقائد الفحص شقاف المشهور، الذي كان السبب مع قضاء الله تعالى في دخول النصارى مدينة إشبيلية " (١). وتحدثنا الرواية النصرانية عن زعماء إشبيلية وقت حصارها، فتذكر منهم شقاف وهو لديها Axataf، وتسميه أحيانا أبو الحسن الشقاف، والرئيس ابن شعيب (٢). وإذا فلابد لنا أن نعتمد في استقاء تفاصيل الأحداث التي اقترنت بمصير إشبيلية الأخير، وكذلك أعمال الزعماء الذين قادوها عندئذ، بالأخص على أقوال الرواية النصرانية.

وبدأ حصار إشبيلية في النصف الثاني من أغسطس سنة ١٢٤٧ م (جمادى الأولى سنة ٦٤٥ هـ)، وتقاسمت الكتائب القشتالية والليونية والجليقية، وغيرها من القوات النصرانية، مناطق الحصار، وضرب فرناندو الثالث محلته جنوبا على ضفة نهر الوادي الكبير، قريباً من سفن الأسطول النصراني، ولكنه اضطر إزاء هجمات المسلمين العنيفة، أن ينقل محلته إلى مكان قريب يسمى " بتلاطة ". واحتل الأسطول النصراني مياه مصب الوادي الكبير، وكانت مهمته


(١) البيان المغرب القسم الثالث ص ٤٠٠.
(٢) Cronica General ; No. ١٠٧٧, ١١٢٢ & ١١٢٣ ; - M. Lafuente: Historia General de Espana ; T. IV.p. ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>