للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراضي البرتغال، فقد كان معظمها تحت سلطان القاضي شعيب بن محفوظ، أقوى زعماء هذه المنطقة، وكانت مدينة لبلة الحصينة قاعدة حكمه، وبها ثار منذ سنة ٦٣٢ هـ، ودعا لنفسه وتسمى بالمعتصم، واستطاع أن يبسط سيادته على معظم القواعد والأنحاء الواقعة غربي الوادي الكبير، وفيما وراء نهر وادي يانه. ولا تحدثنا الرواية عن شخصية ابن محفوظ، ولا عن أصله ونشأته. ويبدو لنا من مختلف القرائن، أنه كان من بقية زعماء الموحدين في تلك المنطقة، وتسبغ الرواية النصرانية عليه بالفعل هذه الصفة. ولما زحف القشتاليون على قطاع إشبيلية، وأخذت قواعدها وحصونها الأمامية تسقط في أيديهم، شعر ابن محفوظ بأن سلطانه في تلك المنطقة أضحى معرضاً للانهيار، فسعى إلى التفاهم مع ملك قشتالة، وذلك بنفس الطريقة التي كان يجرى عليها سائر الزعماء المسلمين يومئذ، فنزل إليه وفقاً لقول الرواية الإسلامية عن مدينة طبيرة والعُلى وشلب والخزانة، ومرشوشة، وبطرنا، والحرة، وكلها من قواعد أقصى الغرب، وذلك في سنة ٦٤٥ هـ (١٢٤٧ م) (١). واعترف بطاعته على حكم لبلة كما تقدم. بيد أنه يبدو أن سلطان ابن محفوظ على قواعد الغرب، لم يكن يمتد إلى هذا المدى البعيد من قواعد الغرب البرتغالية، مثل طبيرة وشلب وشنتمرية الغرب. يدل على ذلك ما تذكره لنا الرواية الإسلامية بعد ذلك، من أنه لما تم لفرناندو الثالث افتتاح إشبيلية، تقدم ابن محفوظ في سبيل إرضائه خطوة أخرى، فنزل له عن حصن اللقوه، وجبل العيون، ووادي أنه، وشنتيل، والحصين، وشلطيش، وذلك صلحاً، على أن يبقى محتفظاً بلبلة وأحوازها مع الاعتراف بالطاعة وأداء الجزية (٢). وهذه الأماكن كلها تقع في منطقة ولبة (أونبة القديمة)، شرقي نهر وادي يانه، وهو أقصى مدى كان يمتد إليه سلطان ابن محفوظ.

أما قواعد الغرب البرتغالية، وهي شلب وطبيرة وشنتمرية الغرب، فقد كانت من نصيب الفتوح البرتغالية. وكان ألفونسو الثالث ملك البرتغال، قد أدرك مذ سقطت إشبيلية في أيدي القشتاليين، وساد الانحلال والفزع في سائر قواعد الغرب الإسلامية، وانهارت فيها الروح الدفاعية، أن الفرصة قد سنحت للاستيلاء على ما بقى بأيدى المسلمين من هذه القواعد، في أراضي البرتغال


(١) الذخيرة السنية ص ٧٦.
(٢) الذخيرة السنية ص ٨٥

<<  <  ج: ص:  >  >>