للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لملك قشتالة، وتعهد بأداء الجزية، ومكّن النصارى من القصر دون أن يحتلوا المدينة، ونزل لملك قشتالة عن أركش والحصون التي سبق ذكرها، رهينة بحسن طاعته. والظاهر أن هذه الحالة قد استمرت عدة أعوام أخرى، لأن الرواية الإسلامية تقول لنا إن سرية من الفرسان النصارى قصدت إلى شريش في سنة ٦٥٨ هـ (١٢٦٠ م) برسم إخلاء موضع القناطر، وإخراج المسلمين منها، وأن ديارها قد أخليت بالفعل برسم الطاغية (ملك قشتالة)، وأن النصارى دخلوا قصبة شريش صلحاً في العام الثاني (٦٥٩ هـ)، ثم أرادوا أن يغدروا بالمسلمين، فتغلب المسلمون عليهم، واستطاعوا إخراجهم منها بمعاونة قوة من عسكر بني مرين عبرت إلى شبه الجزيرة بقيادة عامر بن إدريس بن عبد الحق، وذلك في سنة ٦٦٢ هـ (١٢٦٣ م)، واحتل عامر بن إدريس، ومن معه من المجاهدين مدينة شريش، واستمروا بها زهاء عامين حتى أخرجهم القشتاليون منها، بقيادة ملكهم ألفونسو العاشر الملقب بالحكيم وذلك في سنة ١٢٦٤ م (٦٦٥ هـ) (١).

وقد شاطرت مدينة قادس فيما يبدو نفس الظروف ونفس المصير، فخضعت أولا بإعلان الطاعة وأداء الجزية لملك قشتالة. ويبدو كذلك أن النصارى قد احتلوا قصبتها على غرار ما حدث في شريش. يدل على ذلك ما تذكره الرواية الإسلامية في حوادث سنة ٦٤٧ هـ (١٢٤٩ م) من أن القائد الرنداحى، وهو قائد الأسطول بها، قتل ثمانين من زعماء الروم بجزيرة (ثغر) قادس (٢). وقد استمرت الأحوال على اضطرابها بقادس حتى افتتحها القشتاليون في سنة ١٢٦١ م، وافتتحوا في نفس الوقت شذونة، والبريجه، وغيرهما من قواعد الفرنتيرة.

واستولى القشتاليون في العام التالي (٦٦٢ هـ) على مدينة إستجة، الواقعة في جنوب غربي قرطبة. سلمها إليهم صاحبها ابن يونس بالأمان، ولكن قائدهم دون خيل ما كاد يدخلها في قواته، حتى أخرج المسلمين منها، وقتل معظمهم، واستولى على أموالهم، وسبي نساءهم، حتى أطلقهن من يده دون نونيو قائد قشتالة الأكبر، وعذل دون خيل على غدره بالمسلمين (٣).

وأما عن بقية قواعد ولاية الغرب، الواقعة غربي الوادي الكبير، وحتى


(١) البيان المغرب ص ٤٣٠ و ٤٣١، والذخيرة السنية ص ١١١ و ١١٢.
(٢) الذخيرة السنية ص ٨٥.
(٣) الذخيرة السنية ص ١١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>