للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لسقوط إشبيلية وقع عظيم في الأندلس، أو بعبارة أخرى فيما بقى من قواعدها وربوعها، وفي شبه الجزيرة الإسبانية كلها، وفي المغرب وسائر أنحاء العالم الإسلامي. وقد رثاها الشعر في قصائد عديدة مبكية، حتى قبل أن تسقط نهائيا في أيدي النصارى. وقد أوردنا فيما تقدم بعض ما نظمه الشعر في ذلك.

- ٥ -

وكان سقوط إشبيلية نذيراً بسقوط سائر القواعد والبلاد القريبة منها، ولاسيما قواعد الغرب التي أصبحت معزولة عن بقية القواعد الأندلسية.

وما كاد فرناندو الثالث ينتهي من تنظيم شئون " مملكة إشبيلية " ويستريح من عناء الغزوة الكبرى، حتى سيّر بعض قواته شرقاً وجنوبا، لتفتتح قواعد هذه المنطقة. وليست لدينا تفاصيل عن كيفية افتتاح هذه القواعد أو سقوطها في أيدي النصارى، ولكن الرواية النصرانية تجمل قصة هذه القواعد في قولها، إن فرناندو الثالث، استطاع عقب افتتاحه لإشبيلية أن يبسط سلطانه على شريش وشذونه والقلعة وقادس وشلوقة وأركش والبريجة وروطة أو روضة (١) بعضها بالفتح وبعضها بعقد المعاهدات، وأن إخضاع هذه القواعد قد تم في سنة ١٢٤٩ م (٦٤٧ هـ)، وتزيد على ذلك أن ابن محفوظ صاحب لبلة وما إليها من الأراضي والحصون، قد اعترف بطاعة فرناندو الثالث (٢). ولكن الرواية الإسلامية تقدم إلينا عن إخضاع هذه القواعد بعض تفاصيل أخرى، فتقول لنا إن الوزير أبا خالد صاحب شريش أعطى في سنة ٦٤٨ هـ للفنش (وتريد هنا فرناندو الثالث) مدينة أركش وحصن فريس، وحصن تنكر، والأفراس، وأن النصارى استولوا في نفس العام على قرمونة، والقلعة، والقليعة، وشلوقة، وغليانة، وروطة، وجميع حصن الوادي وحصن الفرج (٣). ولنلاحظ أولا أن قرمونة، والقلعة، وغليانة، وهي من حصون إشبيلية الأمامية، قد سقطت كلها في أيدي النصارى، في سنة ٦٤٥ هـ قبيل حصار إشبيلية. وأما عن شريش وهي أهم قواعد الفرنتيرة، فيلوح لنا أنها قد خضعت بمقتضى الاعتراف، وأن صاحبها أبا خالد، قد أعلن خضوعه


(١) هي بالإسبانية على التوالى San Lucar, Cadiz, Alcala, Medina Sedonia, Jerez Rota, Lebrija, Arcos
(٢) J. Gonzalez: ibid ; p. ١٢١ & ١٢٢
(٣) الذخيرة السنية ص ٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>