الجنوبية. وكان أخوه وسلفه الملك سانشو الثاني قد استولى على مدينة ميرتلة من المسلمين، وسلمها لفرسان شنت ياقب للقيام بالمحافظة عليها. وفي سنة ٦٤٠ هـ (١٢٤٢ م) استولى البرتغاليون على مدينة شلب، من يد واليها الموحدي واسمه المنصور، ولم يبق بعد الاستيلاء على شلب، وهي أهم قواعد الغرب الجنوبية، سوى طبيرة وشنتمرية الغرب. فأما طبيرة، فقد سقطت في أيدي الفرسان البرتغاليين في سنة ٦٤١ هـ (١٢٤٣ م). وأما شنتمرية الغرب (١) فقد قام بافتتاحها ألفونسو الثالث، بعد أن حاصرها من البر والبحر، حتى اضطرت إلى التسليم، وذلك في سنة ٦٤٧ هـ (١٢٤٩ م)، واتفق على أن يحتفظ المسلمون الذين يريدون البقاء بها، بدينهم وشرائعهم وأموالهم، وأن يكونوا رعايا لملك البرتغال يؤدون إليه من المكوس ما كانوا يؤدونه إلى ملوكهم. وتابع ألفونسو الثالث بعد ذلك فتوحاته في هذه المنطقة الجنوبية، فاستولى على سائر الحصون والبلاد الإسلامية الباقية فيها، ولم تأت سنة ١٢٥٠ م، حتى كانت ولاية الغرب البرتغالية كلها قد سقطت في أيدي البرتغاليين. وفي العام التالي عبر البرتغاليون نهر وادي يانه، ومضوا في فتوحهم في أراضي الغرب الأندلسية، وافتتحوا عدة من الحصون والقواعد على ضفته اليسرى، ومنها قلعتا أورشه وأورسينة الواقعتان على مقربة من لبلة. وكان ملك قشتالة، يعتبر عبور البرتغاليين إلى هذه المنطقة، اعتداء على أراضيه، ويرقب الفرصة لردهم إلى ما وراء نهر وادي يانه.
ولما توفي فرناندو الثالث (١٢٥٢ م)، وخلفه ولده ألفونسو العاشر، شعر ابن محفوظ صاحب لبلة أن ملك قشتالة الجديد، ليس له من الحزم والسطوة ما كان لأبيه، فأخذ يتحلل من عهوده، ثم أبي أن يدفع الجزية، وثار بمدينة لبلة الحصينة وامتنع بها، فسار ألفونسو العاشر إلى لبلة في جيش قوي، وضرب حولها الحصار، وكان ضمن حشوده فرقة من جند ابن الأحمر، بعث بها لتشترك في الحصار، وإخضاع ابن محفوظ، وفاء بعهوده القديمة، وبغضا منه لهذا الزعيم الموحدي، بقية الدولة البائدة في شبه الجزيرة. ولم يكن افتتاح لبلة أمراً سهلا، نظراً لمنعتها الطبيعية بوقوعها فوق ربوة عالية، ونظراً لأسوارها الصلدة العالية التي تحيط بها إحاطة تامة، ومن ثم فقد صمدت المدينة في وجه المحاصرين، واستمر صمودها عدة أشهر. وكان أبرز ما في حوادث هذا الحصار، ما قام به
(١) وهي التي قامت فيما بعد على أنقاضها مدينة فارو Faro الحديثة