للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون من إطلاق النار والحجارة من فوق أسوار المدينة، من آلات قاذفة شديدة الفتك، يصحبها دوى كالرعد، لم يعرف كنهها ولم يسبق استعمالها في شبه الجزيرة، تشبه المدافع البدائية، وقد فتكت هذه الآلات بالجيش المحاصر، وأرغمته على إطالة الحصار أكثر من تسعة أشهر، ولكن المدينة المحصورة، اضطرت آخر الأمر، وبعد أن برحت بأهلها مصائب الحصار، ويئست من تلقى أية نجدة أو مدد، اضطرت إلى التسليم إلى القشتاليين بالأمان، وعوض ألفونسو صاحبها ابن محفوظ مقابل تسليمها، بأملاك وضياع واسعة في أحواز إشبيلية، وفي فحص الشرف. وكان تسليم لبلة في سنة ٦٥٧ هـ (١٢٥٧ م) (١).

هذا ما تقوله الرواية النصرانية عن حصار لبلة وتسليمها. ولكن الرواية الإسلامية مع تأييدها لخضوع ابن محفوظ، وأدائه للجزية وفق صلح منفرد عقده مع النصارى، ومع تنويهها بهول حصار لبلة وروعته، تضع تاريخ تسليم لبلة في سنة ٦٦٠ هـ، أو ٦٦١ هـ (١٢٦٢ أو ١٢٦٣ م)، أعني بعد التاريخ الذي تضعه الرواية النصرانية بنحو أربعة أعوام. ثم هي تذكر لنا عن مصير ابن محفوظ رواية أخرى، خلاصتها أن ابن محفوظ عبر البحر إلى المغرب مع أهله وصحبه، وقصد إلى الخليفة المرتضى بمراكش، وانضوى تحت لوائه، قائداً بالجيش الموحدي، وظل على تلك الحالة حتى توفي (٢).

وأما قواعد الغرب الواقعة شرقي نهر وادي يانه، والتي استولى عليها البرتغاليون، ومنها قلعتا أورشة، وأورسينة، فقد ثار بشأنها الخلاف بين البرتغال وقشتالة، وكاد يؤدي بهما إلى الحرب، لولا أن تدخل البابا، وانتهى الأمر بتسوية الخلاف بين ألفونسو العاشر ملك قشتالة وزميله ألفونسو الثالث ملك البرتغال، وذلك بأن يتزوج ملك البرتغال الأميرة بياتريس، وهي إبنة غير شرعية لملك قشتالة، وأن ينزل ملك قشتالة إليه، عن قواعد الغرب المذكورة، على أن يكون ذلك بطريق الإقطاع، وأن يقدم ملك البرتغال عربوناً بطاعته خمسين فارسا لمعاونة ملك قشتالة في حروبه كلما طلب ذلك إليه، وتم ذلك في سنة ١٢٦٣ م (٣).


(١) M. Lafuente: ibid ; T. IV. p. ١١٩
(٢) البيان المغرب ص ٤٣٦.
(٣) M. Lafuente: ibid ; T. IV. p. ١٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>