للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسمت الحسن والنزاهة، وذوى الخلال المشكورة. ويختتم الكتاب بتوجيه الشكر إلى البابا " لما تذهبون إليه من تمشية الأغراض والمذاهب، والمساعدة الصادرة منكم عن كرم الضرائب " (١).

هذا هو ملخص كتاب الخليفة الموحدي إلى البابا، وهو كما تقدم مؤرخ في الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة ٦٤٨ هـ الموافق العاشر من يونيه سنة ١٢٥٠ م. ومن الأسف أننا لم نعثر في التواريخ العربية بأية إشارة، إلى هذه المكاتبات الهامة، بين الخلافة الموحدية، وبين الكرسي الرسولي (١).

وإذا كان لنا أن نعلق بشىء على هذا الكتاب، فهو أن ما يكشفه لنا من نقاش حول العقيدة الدينية، بين البابوية والخليفة الموحدي، وما جنح إليه الخليفة الموحدي في كتابه، من دحض نظريات ألوهية المسيح والتثليث، بقوة وعنف، يدل على ما حدث من أصداء عميقة، لدى الخلافة الموحدية، في أواخر عهدها من جراء ازدياد نفوذ الجالية النصرانية، ومحاولة استغلال البابوية لهذا النفوذ، بصورة انتهت إلى الاجتراء، على دعوة الخليفة الموحدي إلى نبذ دينه وعقيدته الإسلامية.

- ٤ -

وفي نفس هذا العام أعني في سنة ٦٤٨ هـ، وفد على الخليفة المرتضى، زعيمان من زعماء بني مرين، المنشقين على الأمير أبي يحيى، هما أبو عمران موسى ابن زيان المونكاسى، وأخوه علي بن زيان، فأكرم وفادتهما، ورتب لهما أموالا سخية، وشجعاه على النهوض لقتال بني مرين. فأخذ المرتضى في الأهبة، وبعث بعض رسله إلى الأندلس، ليحشدوا له فرقة جديدة من المرتزقة النصارى، فجمعوا له عدداً منهم. وفي سنة ٦٤٩ هـ (١٢٥١ م) غادر المرتضى مراكش، في قوات الموحدين والعرب، ومعه علي بن زيان وأخوه، قاصداً محاربة بني مرين، ومنعهم من عبور وادي أبي رقراق، إلى أرض تامسنا. وكان خروجه في رمضان


(١) نقلنا نص الكتاب الموحدي المشار إليه من محفوظات مكتبة الفاتيكان الرسولية وهو محفوظ بها تحت رقم A.A.L.XVIII. وقد قامت بنشر هذا الكتاب مجلة Bulletin de l'Institut de Hautes Etudes Marocaines - Hespéris في عددها الصادر سنة ١٩٢٦ ونشرت صورة فوتوغرافية للكتاب المذكور وترجمة فرنسية، وعلق عليه الكردينال تسيران والأستاذ فييت في بحث طويل (ص ٢٧ - ٥٣) وقد نشرنا نصه الكامل في باب الوثائق كما نشرنا هنا صورته الفتوغرافية. ولم نجد بمحفوظات الفاتيكان أية وثيقة مغربية أو أندلسية أخرى من وثائق ذلك العصر

<<  <  ج: ص:  >  >>