للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمصر، ندب موسى بن نصير لمعاونته، وكان يومئذ بمصر في خدمة أميرها عبد العزيز بن مروان صديقه وحاميه، وأن موسى لبث وزيراً ومستشارا لبشر أيام ولايته للبصرة. فلما وُليّ الحجاج حكم العراق في سنة ٧٥ هـ، اتهم موسى باختلاس أموال البصرة، ولم ينقذه من بطش الحجاج سوى تدخل عبد العزيز ابن مروان، وكان قد وفد يومئذ على الشام بأموال مصر، وهرع إليه موسى مستجيرا به. ثم عاد موسى إلى مصر مع عبد العزيز بن مروان، ولبث بها يتبوأ لديه أسمى مراتب النفوذ والثقة حتى عين حاكما لإفريقية (١).

وتختلف الرواية في تاريخ ولاية موسى بن نصير لإفريقية اختلافا بينا، فالبعض يقول إنها كانت في سنة ٧٨ أو ٧٩ هـ في عهد عبد الملك، ويقول البعض الآخر إنها كانت في سنة ٨٦ أو سنة ٨٩ هـ في عهد ابنه الوليد (٢)؛ ونحن نؤثر الأخذ بالقول الثاني لأنه أكثر اتفاقاً مع سير الحوادث في إفريقية، ولأن معظم الروايات تجمع على أن حسان بن النعمان والى إفريقية لبث على ولايتها حتى وفاة عبد الملك، وقد توفي عبد الملك في شوال سنة ٨٦ هـ. وكان عبد العزيز بن مروان أمير مصر قد توفي قبل ذلك سنة ٨٥ هـ، وندب عبد الملك ولده عبد الله أميرا


(١) وردت هذه التفاصيل في كتاب " الإمامة والسياسة " المنسوب لابن قتيبة. ومع أن هذه النسبة يحيط بها كثير من الشك، فإن الكتاب يتضمن كثيرا من الأخبار والتفاصيل المفيدة عن رجالات الإسلام في عصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية (راجع الكتاب المشار إليه - طبع مصر - ج ٢ ص ٦٠ وما بعدها). وقد اعتبره المستشرق الإسباني جاينجوس Gayangos قديما وصحيحا، وإن كان يشك في نسبته لابن قتيبة لعدة أسباب وجيهة؛ وانتفع به المستشرق الألمانى فايل Weil، والمستشرق الإيطالى أماري Amari. ويرى دوزي أن الكتاب غير قديم وغير صحيح، وأنه يحتوي على أخطاء تاريخية وروايات خيالية غير معقولة، وعلى ذلك فلا يمكن أن يكون ابن قتيبة صاحب هذا التصنيف الضعيف؛ ويرى المستشرق هاماكر ويوافقه دوزي أن هذا الكتاب وأمثاله من الكتب التاريخية الحماسية (مثل الكتب التي نسبت للواقدى)، قد ألفت أيام الحروب الصليبية لبث الحماس في نفوس المسلمين، وتذكيرهم بأمجاد أسلافهم وبطولاتهم الخارقة. راجع دوزي:
Recherches sur l'Histoiret Littérature de l'Espagne au moyen àge; V.i.p.٢١
(٢) يقول بالرواية الأولى ابن عبد الحكم (ص ٢٠٣)، ويتبعه صاحب كتاب الإمامة والسياسة (ج ٢ ص ٦٢)، وابن الأبار في الحلة السيراء (ليدن ص ٧٠)، والحميدي في جذوة المقتبس (مصر ص ٣١٧)، والنجوم الزاهرة (ج ١ ص ١٨٨)، ويقول بالثانية ابن الأثير (ج ٤ ص ١٤٤ و٢٠٦)، وابن خلكان (ج ٢ ص ١٧٦). وابن عذارى في البيان المغرب (ج ١ ص ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>