للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوفرها قوة وموارد، تليها في ذلك مملكة أراجون التي اتسعت رقعتها، ونمت قوتها باتحاد إمارة قطلونية أو إمارة برشلونة معها، وذلك منذ سنة ١١٣٧ م حسبما سبق أن فصلناه في موضعه. وكانت ليون ثالثة الممالك الإسبانية، بيد أنها لم تكن في الواقع، بالرغم من استقلالها وانفصالها عن قشتالة، وفقاً لوصية القيصر ألفونسو ريمونديس، سوى إمارة ضعيفة تشق طريقها بصعوبة، ولم يكن لها كبير شأن، في سير الحوادث الهامة في شبه الجزيرة، وكان التوتر سائداً بينها وبين شقيقتها الكبرى قشتالة. وكانت نافارا وهي رابعة هذه الممالك كعهدها دائماً، مملكة صغيرة الرقعة، ولكن قوية الشكيمة، ممتنعة وراء جبالها الوعرة، وحرصها المأثور على استقلالها.

وكان على عرش أراجون في الوقت نفسه ملك فتى آخر، هو رامون برنجير الذي سمى ألفونسو الثاني، وقد تولى العرش عقب وفاة أبيه رامون برنجير الرابع في سنة ١١٦٢ م، ولقب كأبيه بملك أراجون وقطلونية، وكانت علائق أراجون وقشتالة، منذ أواخر عهد القيصر ألفونسو ريمونديس، على أتم صفاء ووفاق، وذلك لما كان يربط القيصر بعاهل أراجون رامون برنجير الرابع، من وشائج المصاهرة، بزواجه، من ابنته الملكة برنجيلا. وكان أول عمل قام به ألفونسو الثامن، أن اجتمع في ساهاجون بزميله الفتى ملك أراجون ألفونسو الثاني، وذلك في سنة ١١٧٠ م، وقد شهد هذا الاجتماع أكابر الأحبار، والأشراف من المملكتين، واتفق الملكان على تسوية سائر الشئون والخلافات القائمة بين المملكتين، وعقدا معا حلفا ضد باقي الملوك والأمراء، ما عدا ملك انجلترا هنري الثاني، وذلك لأن ألفونسو الثامن كان قد عقد خطبته على ابنته الأميرة إلينور، ثم سار الملكان إلى سرقسطة عاصمة أراجون، وقضى ألفونسو الثامن في سرقسطة زهاء شهرين في انتظار مقدم عروسه الأميرة الإنجليزية، وكانت قادمة من انجلترا في حاشية فخمة من الأحبار والفرسان الإنجليز والنورمان والغسقونيين، وكانت قد سارت بعثة ملكية قشتالية، على رأسها أسقف طليطلة حتى ثغر بوردو، وعادت بالأميرة الإنجليزية إلى اسبانيا. وسار الملكان إلى طرسونة حيث عقد زواج ألفونسو الثامن بالأميرة إلينور في حفلات باذخة، في تلك المدينة الأرجونية المتواضعة.

وكانت أول حركة قام بها ألفونسو الثامن هو شهره الحرب على نافارا،

<<  <  ج: ص:  >  >>