للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان سانشو السادس ملك نافارا قد انتهز فرصة قصر ألفونسو، وانتزع جزءاً كبيراً من أراضي قشتالة المجاورة، فلما عقد التحالف بين أراجون وقشتالة، زحف ألفونسو على نافارا في جيش ضخم في صيف سنة ١١٧٣ م، واستولى على بريفسكا ولوجرينو وناباريتي، وهزم ملك نافارا، وطارده حتى أحواز بنبلونة. وبعد ذلك بعامين عاد ملك قشتالة وحليفه ملك أراجون، فشهرا الحرب ضد نافارا، وأوقعا بها هزائم أخرى.

وكانت فكرة غزو الأراضي الإسلامية، هي الهدف الأول للسياسة القشتالية. ولم يشذ ألفونسو الثامن عن هذه القاعدة، ففي أواخر سنة ١١٧٦ م، خرج ألفونسو ووصيه السابق الكونت نونيو دي لارا، واتجها صوب حدود شرقي الأندلس، وكانت مدينة قونقة إحدى قواعد الحدود الإسلامية، هدف هذه الغزوة، خصوصاً وقد كان الموحدون، يتخذونها قاعدة للإغارة على أراضي شرقي قشتالة، واضطرت القوات القشتالية، نظراً لمناعة المدينة، أن تضرب حولها الحصار، واستمرت قونقة، صامدة نحو تسعة أشهر، ولم تستطع الأمداد الموحدية أن تصل إليها، حيث اعترضتها قوات ملك أراجون حليف ملك قشتالة، وسقطت المدينة المسلمة في النهاية، في أيدي القشتاليين، في سبتمبر سنة ١١٧٧ م، وذلك كله حسبما سبق أن فصلناه في موضعه (١).

وجدد ملك قشتالة وملك أراجون تحالفهما، بمناسبة ما أبداه ملك أراجون، من المعاونة في فتح قونقة، وأحلّ ملك قشتالة زميله الفتى، من عهد الولاء الذي كانت ترتبط به أراجون نحو قشتالة، منذ عهد رامون برنجير الرابع. وفي الوقت نفسه اتفق ملك قشتالة مع خصمه سانشو السادس ملك نافارا، على تسوية ما بينهما من خلاف، واتفقا على أن يخضعا في ذلك لتحكيم هنري الثاني ملك انجلترا، وبعث كل من الملكين سفراء إلى لندن، ليعرضا ما بينهما من أوجه الخلاف. وبعد أن درس هنري الثاني، وجوه النظر المختلفة، وأخذ رأى البرلمان في ذلك، أصدر قراره بأن يرد كل من الملكين إلى الآخر بعض القواعد والأراضي، التي كان يدعى كل ملكيتها، وأن يرد ملك قشتالة بالأخص إلى نافارا، لوجرينو وأوسيخو ووناباريتى، وأن يدفع ملك قشتالة لملك نافارا مدى عشرة أعوام ثلاثة آلاف مرافيدى كل عام، فقبل الملكان هذا القرار،


(١) تراجع قصة حصار قونقة وسقوطها في ص ٩٦، ٩٧ من هذا الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>