للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما شعر سانشو ملك نافارا، بما يتهدده من جراء هذا الحلف القوي، بين خصميه ملكي أراجون وقشتالة، فكر في الاستنصار بالموحدين على غرار ملك ليون، وعبر البحر وجماعة كبيرة من الفرسان إلى مراكش، ملتجئاً إلى الخليفة المنصور ومستنجدا به، ولكنه ما كاد يصل إلى العاصمة الموحدية حتى كان المنصور قد توفي، وخلفه ولده محمد الناصر (أواخر يناير سنة ١١٩٩ م) فاستقبل الناصر الملك النصراني بمنتهى الحفاوة والتكريم، وأمضى سانشو في مراكش زهاء عامين، وتوثقت علائقه بالخليفة الموحدي وبلاطه، حتى كاد وفقاً لقول الرواية الإسلامية، أن يعتنق الإسلام (١)، وفي الرواية النصرانية أن سانشو اشترك خلال إقامته بالمغرب، في حروب الناصر في إفريقية وأبلى فيها (٢)، وهو ما لم نجد له أثراً في الرواية العربية.

ويجب أن نذكر أن هذه الزيارة من جانب ملك نافارا لبلاط مراكش، قد تلتها زيارته الأخرى للناصر، عقب عبوره إلى الأندلس في سنة ٦٠٧ هـ (١٢١٠ م)، وقد زاره ملك نافارا خلال إقامته بإشبيلية، وهي الزيارة التي تقدمها إلينا الرواية العربية في عبارات غامضة رنانة في نفس الوقت، وقد سبق أن أشرنا إليها تفصيلا.

وفي خلال ذلك، انتهز ملك قشتالة الفرصة، وغزا أراضي نافارا، وكانت ولاية جيبوسكوا، بالرغم من كونها لبثت دهراً منضمة إلى قشتالة، قد احتلها ملوك نافارا، وضموها إلى مملكتهم، فلما نفذ ألفونسو الثامن بقواته، إلى أراضي نافارا، وحاصر مدينة فتورية، طلب إليه أهل جيبوسكوا، أن تعود ولايتهم إلى أراضي قشتالة، فترك حصار فتورية للدون دي هارو، وسار إلى جيبوسكوا واتفق مع زعمائها على شروط وضعها تحت حماية قشتالة، واحتلت قواته سان سبستيان، وفوانتى رابيا، وحصن بلاسكواجا ووادي اديارسون. كما استولى على مقاطعة ألبة (سنة ١٢٠٠ م)، وعلى أثر ذلك سلمت فتورية، وذلك بموافقة سانشو نفسه، وكان نائبه أسقف بنبلونة قد عبر البحر إلى مراكش لينبئه بما حدث وعاد بموافقته، وبذلك فقدت نافارا شطراً كبيراً من أراضيها (٣).


(١) راجع ص ٢٩٠ من هذا الكتاب.
(٢) Lafuente: Historia General de Espana, T. III. p. ٣٤٦
(٣) Lafuente: ibid ; T. III. p. ٣٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>