للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمطالبه المالية والعسكرية، فكانت منهم كذلك طائفة كبيرة تنقم على العرش هذا الإرهاق، وكان سانشو يشعر بقصوره عن إخماد هذه النزعات الثورية ضد العرش، خصوصاً وأن البابوية كانت دائماً تصغى إلى شكوى الأحبار وتحريضهم. ومن جهة أخرى فإن سانشو كان دون ولد، وكان أخواه ألفونسو وفرناندو وعمه بيدرو، جميعاً يمالئون الحركة الثورية، سعياً إلى انتزاع العرش من سانشو، وكان أكثر هؤلاء حظاً من التأييد الإنفانت ألفونسو، وكان قد تزوج من الأميرة ماتيلدة صاحبة بولونيا بإيطاليا، وغدا بزواجه أميراً لهذه الولاية، وكان الأحبار، والأشراف الثوار يرون فيه أداة صالحة لتنفيذ خطتهم، خصوصاً وأنه كان يتمتع بعطف البابوية. وانتهى الأمر بأن نجح هؤلاء في سعيهم لدى البابوية، وأصدر البابا إنوصان الرابع في يوليه سنة ١٢٤٥ م، قرارا بإقالة سانشو الثاني وتنصيب أخيه ألفونسو مكانه في العرش. فقطع ألفونسو على نفسه عهداً باحترام امتيازات رجال الدين، وركب البحر مع طائفة من الأحبار والأشراف البرتغاليين إلى ثغر أشبونة، وفي الحال أعلن ملكاً، واضطر سانشو إلى الفرار، والالتجاء إلى ملك قشتالة فرناندو الثالث، فوعده بتأييده، وبعث معه ولده ألفونسو في جيش جهزه لمقارعة خصومه، ولكن هذه المحاولة انتهت بالفشل، حيث استطاع ألفونسو ملك البرتغال الجديد، أن يقنع الأمير القشتالي، بأنه ارتقى العرش بأمر الكرسى الرسولى، وأن معظم الأحبار والأشراف والشعب إلى جانبه، فارتد القشتاليون أدراجهم دون قتال، وارتد سانشو معهم ليقضى أعوامه الأخيرة، في طليطلة، وهناك توفي في يناير سنة ١٢٤٨ م.

وتأهب ألفونسو الثالث، بعد أن اطمأن إلى توطيد عرشه، إلى إتمام فتوح ما تبقى بأيدى المسلمين من أراضي البرتغال، وبدأ بحصار قلعة فارو أو شنتمرية الغرب، واستولى عليها في سنة ١٢٤٩ م، ولم يكن بهذه القواعد الإسلامية الأخيرة سوى حاميات ضئيلة من الموحدين وغيرهم، ثم استولى ألفونسو تباعا على سائر ما كان باقيا بأيدى المسلمين من القواعد، والحصون بهذه المنطقة وبذلك تم القضاء على سلطان المسلمين نهائيا من الأراضي البرتغالية، ولم يكتف ألفونسو الثالث بذلك بل عبر في قواته نهر وادي يانه، ومضى في فتوحه في أراضي ولاية الغرب الأندلسية، ولكنه اضطر فيما بعد أن ينزل عما فتحه من الأماكن في تلك المنطقة لملك قشتالة، إذ كانت داخلة في نطاق الفتوح القشتالية

<<  <  ج: ص:  >  >>