للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يعترفن بسيادة أخيهن عليها، وقصدن إلى البابا لحمايتهن، ثم نشبت الحرب بعد ذلك بين الملك والأميرات، وتدخلت البابوية في الأمر، وأصدر مندوبو البابا قراراً بالحرمان ضد الملك، وكاد النزاع يتفاقم. وأخيراً تدخل البابا، وألغى قرار الحرمان، وقضى بأن يُعهد بالأماكن المتنازع عليها إلى فرسان الداوية على أن تكون خاضعة لسيادة الملك، وأن يعطى دخلها للأميرات، فارتضى الطرفان هذا الحل وعاد السلام إلى المملكة.

وكان أهم حدث حربي وقع في عصر ألفونسو الثاني، هو استيلاؤه بمعاونة القوات الصليبية المتجهة إلى المشرق، على ثغر قصر أبي دانس، وذلك في سنة ١٢١٧ م (٦١٤ هـ) وذلك حسبما فصلناه في موضعه.

وفي الأعوام الأخيرة من حكم ألفونسو، عاد النزاع بينه وبين البابوية بسبب مطاردته لمطران براجا، واعتدائه على امتيازات رجال الدين، وتدخل البابا مرة أخرى وهدد الملك بالحرمان، ولكنه لم يذعن للوعيد، وما لبث أن مرض وتوفي في مارس سنة ١٢٢٣ م.

فخلفه ولده سانشو الثاني، وبدأ حكمه بأن عقد مجلساً نيابياً في قلمرية عنى بتسوية النزاع بين العرش ورجال الدين، وكذلك عقد الصلح بين الملك وعماته الأميرات وقرر أن يمنحهن مخصصات مجزية، على أن يعترفن بطاعته، وأن تؤول الأراضي والحصون التي لهن بعد وفاتهن إلى العرش. ثم تأهب سانشو بعد ذلك لمنازلة المسلمين، وانتزاع ما بقى بأيديهم من أراضي البرتغال. فاستولى على إلفاس (١٢٢٦ م)، وافتتح حصني شربة وجلمانية وغيرهما من حصون الحدود الواقعة على ضفة وادي يانه. ثم استولى على ميرتلة، وسلمها لفرسان شنت ياقب، واستولى على شلب (١٢٤٢ م) ثم استولى أخيراً على ثغر طبيرة (١٢٤٣ م) في الجنوب، وكان سانشو يستعين في معظم فتوحه بالصليبيين الوافدين، وكانت البابوية، تمده بعونها الأدبى، وتسبغ الصفة الصليبية على حروبه ضد المسلمين. على أن سانشو لم يوفق إلى تدعيم السلام في مملكته. ذلك أن النزاع عاد يضطرم بينه وبين رجال الدين، لأسباب عديدة تلخص في محاولة العرش أن يحتفظ بسلطاته الدنيوية والقضائية، ومحاولة رجال الدين أن يحافظوا على سلطانهم وامتيازاتهم، واختصاصاتهم القضائية. وكانت مبالغة الأحبار في توسيع امتيازاتهم، ينعكس أثرها على امتيازات الأشراف، فيضطر العرش إلى إرهاقهم

<<  <  ج: ص:  >  >>