للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزارته، ويبحث معهم شئون الحكم، وكان يجعل من باقي الصحب، وهم أهل خمسين، وأحيانا أهل سبعين، نوعا من الجمعية الاستشارية (١). ثم بدأت خطة الوزارة، في عهد عبد المؤمن أول الخلفاء الموحدين، وانتظمت على يده أداة الحكم، بصورتها التقليدية، من الاعتماد على معاونة وزير أو أكثر، يتولون أعباء الحكم والإدارة بتوجيه الخليفة وإرشاده، ويطالعونه بمختلف الشئون الهامة، وعلى معاونة كاتب أو أكثر من الكتاب المجيدين، يكونون ترجمانا لدعوته، ويضطلعون بتوجيه رسائله وتعليماته، إلى مختلف العمال والجهات. وكان الخليفة، يعهد في بعض الأحيان بوزارته، إلى أحد أولاده أو أخوته، فقد رأينا مثلا كيف عهد عبد المؤمن، في أواخر أيامه، بالوزارة إلى ولده السيد أبي حفص (٢). ولما توفي عبد المؤمن، وخلفه ولده السيد أبو يعقوب يوسف، تولى شئون الحجابة مدى حين، أخوه السيد أبو حفص، وذلك على معنى الوزارة والإمارة (٣). ثم لما توفي الخليفة أبو يعقوب، عقب موقعة شنترين، وخلفه ولده الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور، تولى حجابته أخوه كبيره السيد أبو حفص، والحجابة هنا معناها رياسة الوزارة. ثم تولى له الوزارة أخوه السيد أبو عبد الله محمد. وأحيانا كان يضطلع بالوزارة بعض القرابة، كما حدث أيام الخليفة المستنصر والرشيد. بيد أن تعيين الحجاب والوزراء من الأبناء والإخوة أو القرابة، لم يكن يحول دون تعيين الوزراء العاديين، للاضطلاع بتدبير الشئون، وقد كان أولئك الوزراء أيضاً، في الغالب، من خاصة القبائل الموحدية الموالية. وكانت الوزارة تبقى في الأسرة الواحدة أجيالا متعاقبة، كما حدث في أسرة بني جامع، التي تولى أبناؤها الوزارة، منذ خلافة عبد المؤمن، واستمروا في توليها فترات مختلفة، حتى عصر الناصر، وأسرة بني يوجان، التي تولى أبناؤها أيضاً الوزارة غير مرة.

وأما الكتابة، فقد كانت من أهم خطط الحكومة الموحدية. وكان الخليفة الموحدي، يحشد في بلاطه، أقطاب الكتاب المجيدين، وكان السادة من الولاة سواء بالمغرب أو الأندلس، يتخذون لكتابتهم أبلغ كتاب العصر. ومنذ عصر الخليفة عبد المؤمن، نرى ثبتاً طويلاً، من أئمة النثر والبلاغة، ينتظمون في


(١) راجع ص ١٩٦ من ق ١ من هذا الكتاب.
(٢) راجع ص ٣٩٤ من ق ١ من هذا الكتاب.
(٣) كتاب المن بالإمامة لوحة ٤٨ ب

<<  <  ج: ص:  >  >>