للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسكرية، تحشد أحيانا، لإرغام القبائل المتخلفة عن أداء الجباية، على أدائها، وذلك حسبما ذكرنا فيما تقدم غير مرة. وأما متولى المستخلص، فهو المشرف على الأموال الخليفية، والمحافظة عليها، وتحصيل ما يتعلق بها، من مختلف أبواب الدخل. وقد يتولى صاحب الأشغال المخزنية أحيانا، الإشراف على ما يتعلق " بالسهام السلطانية " أي أنصبة الخليفة أو حقوقه الشرعية في الغنائم وغيرها (١). وكان منصب صاحب الشرطة، من الناصب الإدارية الهامة، وكانت أهميته تبدو بنوع خاص في الأوقات المضطربة، وعند اضطرام الفتن، وكان يشغله أحيانا، رجال من ذوى المكانة الرفيعة في الدولة من أكابر الوزراء، كما حدث أيام الرشيد (٢).

وبرز في أواخر العصر الموحدي، منصب هام في الحكومة الموحدية، هو منصب وزير يقوم فيه صاحبه، بالتقديم إلى إرسال ملوك الروم، والاشتغال بإنزالهم، وتضييفهم، والترجمة عنهم (٣). ومن الواضح أن هذا المنصب، لم تبرز أهميته، إلا منذ أيام الخليفة المأمون، حينما عقد حلفه المشهور، مع فرناندو الثالث ملك قشتالة، وأمده هذا الملك النصراني، بفرقة كبيرة من جنده، ليعبر بها إلى المغرب، ويستعين بها على قتال منافسه في الخلافة، يحيى المنتصر. ومن ذلك التاريخ، يأخذ الروم بقسط بارز، في الحروب، التي يشهرها الخليفة الموحدي، على خصومه، ويقتضى أن يمثل في بلاط مراكش، شخص يتولى استقبال الوافدين من " الروم " (القشتاليين)، من أمراء وقادة وسفراء وغيرهم، ويتولى الإشراف على رعايتهم، والترجمة بينهم وبين الخليفة، وذوى الشأن من رجال الدولة. وقد أشرنا فيما تقدم، إلى سياسة الحكومة الموحدية في شئون الجباية، ووجوب التزام أحكام الشرع في شأنها، والاقتصار في ذلك، على ما يجيزه الشرع من الزكوات والأعشار. وقد نوه الخليفة عبد المؤمن، بوجوب التزام هذه السياسة، في رسائله الرسمية غير مرة، وكانت له شعاراً، في حملاته للقضاء على الدولة المرابطية، فنراه يذكرها في أولى رسائله الدستورية، وهي الرسالة الجامعة، التي وجهها إلى الطلبة والمشيخة والأعيان والكافة بالأندلس، في ربيع الأول سنة ٥٤٣ هـ، وفيها يتحدث عن المغارم، والمكوس والقبالات،


(١) البيان المغرب ص ٢٠١ و ٢٢٧.
(٢) البيان المغرب ص ٢٨٣.
(٣) البيان المغرب ص ٢٣٤

<<  <  ج: ص:  >  >>