للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيبش بن محمد بن علي بن بيبش العبدرى من أهل شاطبة، درس الفقه والحديث والتفسير مع مشاركة في النحو ومارس الشورى والفتيا زمنا، وعرف بمقدرته وكفايته. ثم تولى قضاء شاطبة بلده. وألف في التعليق على صحيح البخاري كتابين، وأخذ عنه جماعة من أعلام عصره، توفي في جمادى الأولى سنة ٥٨٢ هـ (١). وكان من أعظم فقهاء هذا العصر وحفاظه، ابن الجد الفهرى، وهو محمد ابن عبد الله بن يحيى بن فرج بن الجد، وأصله من لبلة وبها ولد سنة ٤٩٦ هـ، وتلقى بها دراسته الأولى ثم درس بقرطبة، وأخذ فيها عن ابن عتاب، وابن رشد، وأخذ في إشبيلية عن أبي بكر بن العربى وغيره، وعنى لأول أمره بدراسة العربية فبرع فيها، وعزم على التخصص فيها، والتصدر لإقرائها، ولكنه مال بعدئذ بتوجيه أستاذه ابن رشد إلى دراسة الفقه والحديث، فبرع في هذا الميدان وبلغ فيه الذروة، وانتهت إليه رياسة عصره في الحفظ والفيتا، وقدم للشورى بإشبيلية مع أبي بكر بن العربى ونظرائه من الفقهاء البارزين يومئذ، وكان في عصره فقيه الأندلس والمغرب وحافظهما دون منافس ولا منازع، كما كان أبرع أهل عصره في التمكن من مذهب مالك. وكان فوق ذلك فصيحاً، وخطيباً مفوهاً، وذاع صيته في المغرب والأندلس، وتبوأ ذروة النفوذ والجاه في ظل الدولة الموحدية، ولكنه لم يترك من قلمه آثارا ذات شأن، وتوفي بإشبيلية في الرابع عشر من شوال سنة ٥٨٦ هـ عن تسعين عاما، ولبثت أسرته عصراً تحتفظ بمكانتها ونفوذها، وتولى حفيده الفقيه أبو عمرو بن الجد زعامة إشبيلية وقتا، أيام الانهيار والفتنة، وتوفي قتيلا قبل سقوط إشبيلية بوقت قصير (٢).

ومن الفقهاء والمتكلمين، صالح بن أبي صالح خلف بن عامر الأنصارى الأوسى من أهل مالقة، درس بها على أعلام عصره ثم رحل إلى تلمسان، ثم إلى تونس، والمهدية، وأخذ عن أقطابها سماعا وإجازة. وكان فقيهاً متمكناً من علم الكلام. وروى عنه الأخوان أبو محمد وأبو سليمان إبنا حوط الله، وتوفي في رمضان سنة ٥٨٦ هـ (٣).

ومنهم أحمد بن محمد بن أخلف بن عبد العزيز الكلاعي، من أهل إشبيلية


(١) ترجمته في التكملة رقم ٦١٠.
(٢) راجع ترجمة الحافظ ابن الجد في التكملة رقم ١٤٦٩، وراجع ص ٤٧٠ - ٤٧٢ من هذا الكتاب.
(٣) ترجمته في التكملة رقم ١٨٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>