للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلفاء الموحدين، منذ عصر أبي يعقوب يوسف حتى عصر الناصر، وهما أبو العباس أحمد بن عبد السلام الجراوي، وأبو بكر بن عبد الجليل بن مُجبر، وقد سبق أن أشرنا في غير موضع إلى مدائح هذين الشاعرين. وكان الجراوى، وأصله من تادلا، وسكن مراكش، شاعراً مبرزاً، عالماً بالآداب، حافظاً لأصول البلاغة، ورحل إلى الأندلس مراراً. وقد وضع للخليفة المنصور كتابه الذي سماه " صفوة الأدب وديوان العرب " في مختار الشعر، وانتشر هذا الديوان في المغرب انتشارا عظيما، وكان لديهم ككتاب الحماسة عند أهل المشرق (١). وكذلك جمعت مدائح بن مجبر للمنصور في ديوان وأورد لنا منها ابن خلكان قصيدته التي مطلعها: أتراه يترك الغزلا ... وعليه شب واكتهلا

كلف بالغيد ما عقلت ... نفسه السلوان مذ عقلا (٢).

ومن شعراء الخلافة الموحدية أيضاً أبو الحسن الرعيني، وأبو زيد الفازازى،

وعبد الرحمن الجزولي وغيرهم. وقد أورد لنا صاحب البيان المغرب كثيراً من

مدائح هؤلاء الشعراء للخلفاء الموحدين في غير موضع (٣).

ولدينا ثبت آخر من أكابر الشعراء، مثل ابن طفيل الوادي آشى، وابن الأبار القضاعى، وأبي المطرف بن عميرة المخزومي، ولكنا رأينا أن نضع هؤلاء في مواضع هم أكثر ارتباطا بها وألصق، فابن الأبار، بالرغم من إنتاجه الشعرى الرائع، أكثر انتسابا إلى ميدان التاريخ، وابن عميرة أكثر انتسابا إلى الكتابة، وابن طفيل موضعه الحقيقي بين الفلاسفة والعلماء.

- ٣ -

ولنعرض الآن إلى أكابر الكتاب خلال العصر الموحدي. ولدينا من ذلك ثبت حافل يصعب علينا أن نستوعبه في هذا المقام المحدود، ولكنا سوف نحاول أن نذكر ألمعهم في هذا الميدان.

كان من هؤلاء أبو القاسم محمد بن ابراهيم بن خيرة، ويعرف بالمواعينى من أهل قرطبة، وسكن إشبيلية. سمع ابن مغيث، وابن مكى، وابن العربي،


(١) ترجمة الجراوى في التكملة رقم ٣٢٣، وقد أورد لنا ابن عذارى كثيراً من شعر الجراوي (يراجع البيان المغرب ص ٨١ و ٩٣ و ١١٤ و ١٥١ و ١٥٤).
(٢) ابن خلكان ج ٢ ص ٤٣٢ و ٤٩٤.
(٣) راجع البيان المغرب، القسم الثالث ص ٢٢٦ و ٢٢٧ و ٢٣٢ و ٢٥٨ و ٢٦٠ و ٢٦٦ و ٢٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>