للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلي بن محمد بن علي بن هيصم الرعينى من أهل إشبيلية، كان محدثاً، وكاتباً بليغاً، مشاركاً في علوم كثيرة، وغلبت عليه الكتابة السلطانية، فبرع فيها، وانقطع لها، وكتب عن عدة من أمراء الأندلس والعدوة، فكتب للمتوكل ابن هود، ثم كتب بعد وفاته لمحمد بن الأحمر صاحب غرناطة، ووقعت مساجلات أدبية بينه وبين أبي عبد الله بن الجنان، وأبي المطرِّف بن عميرة، ينقلها إلينا صاحب التكملة. ثم نزح من الأندلس إلى العدوة، فكتب عن أمير سبتة، ثم عن الأواخر من الخلفاء الموحدين، خلفاً لشيخه أبي زيد الفازازى، وكان من شيوخ ابن عبد الملك صاحب الذيل والتكملة وتوفي بمراكش سنة ٦٦٦ هـ (١).

ونستطيع أن نختتم هذا الثبت من الكتاب، بكاتب من أبرع وألمع كتاب الأندلس، في عصر الانهيار، هو أبو المطرِّف أحمد بن عبد الله بن الحسين بن عميرة المخزومي. وأصله من جزيرة شقر من أعمال بلنسية وبها ولد سنة ٥٨٢ هـ. وسكن بلنسية ودرس بها الحديث والفقه، ولكنه شغف باللغة وعلومها، وبالأدب، وبرع في النثر. قال ابن عبد الملك: " وتفنن في العلوم، ونظر في العقليات وأصول الفقه، ومال إلى الأدب، فبرع فيه براعة عد بها في كبار مجيدى النظم. وأما الكتابة، فهو علمها المشهور، وواحدها الذي عجزت عن ثانيه الدهور "، وقال ابن الخطيب في وصفه " كان نسيج وحده إدراكا وتفننا، بصيراً بالعلوم، محدثاً مكثراً، راوية ثبتاً، متبحراً في التاريخ والأخبار، قائماً على العربية واللغة، جم العيون، غزير المعانى والمحاسن " (٢). وأخذ ابن عميرة عن عدة من أقطاب عصره، منهم أبو الخطاب بن واجب، وأبو الربيع بن سالم، وأبو علي الشلوبين وأبو عمر بن عات، وأبو محمد بن حوط الله. وولي لأول أمره القضاء بأوريولة ثم شاطبة، ولكنه ظهر في ميدان الكتابة والترسل، وكتب عن الأمير أبي جميل زيان، وصدرت عنه في تلك الفترة المدلهمة من تاريه شرق الأندلس رسائل عديدة، منها ما هو موجه منه، وهو قاض بشاطبة إلى المتوكل بن هود، وما كتبه عن أبي جميل زيان أيام ولايته لمرسية إلى ملك قشتالة، وإلى أبي زكريا الحفصى أمير إفريقية، ومنها ما تبادله مع زميله وصديقه وقرينه في الشهرة والبراعة ابن الأبار


(١) ترجمته في الإحاطة مخطوط الإسكوريال السالف الذكر لوحة ٣٢٨ و ٣٢٩. وفي الذيل والتكملة المجلد الرابع من مخطوط المتحف البريطاني.
(٢) الإحاطة لإبن الخطيب (١٩٥٦) ج ١ ص ١٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>