للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء هم طائفة من الأطباء الذين ظهروا في العصر الموحدي، ولم نذكر من بينهم أقطاب الطب العظام مثل ابن طفيل، وابن رشد، وابن ميمون، لأننا آثرنا أن نذكر هؤلاء بين الفلاسفة، وهي الصفة الغالبة عليهم بالرغم من مثولهم بين أعظم الأطباء في العصور الوسطى.

- ٢ -

ونبغ في هذا العصر عدة من علماء النبات، منهم اثنان من أعظم النباتيين في العصور الوسطى، وهما ابن الرومية الإشبيلي، وابن البيطار المالقي، ونحن نذكرهم فيما يلي: كان منهم أبو علي حسن بن أحمد بن عمر بن مفرج البكرى الأشبونى، لأن أصله من أشبونة عاصمة البرتغال الإسلامية، وسكن الجزيرة الخضراء، يعرف بالزرقالة، درس الحديث والأدب، ولكنه مهر في الطب والعلاج، وفي تمييز النبات والعشب، وفاق في ذلك أهل عصره، وكان يقرض الشعر في نفس الوقت وتوفي سنة ٦١٣ هـ (١).

وجودى بن عبد الرحمن بن جودى .. بن عدنان القيسى من أهل وادي آش، درس القرآن والعربية على جماعة من أقطاب عصره مثل أبي جعفر بن حكم، وأبي بكر بن أبي زمنين، وأبي القاسم بن سمجون وغيرهم، وكانت له معرفة بالنبات وتمييزه، مع اشتهاره بالأدب في نفس الوقت. وتوفي ببلده سنة ٦٣١ هـ (٢).

على أن أعظم النباتيين والعشابين في العصر الموحدي، بل أعظم النباتيين المسلمين في سائر العصور، هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأموي، المعروف بابن الرومية، وبالعشاب، والنباتى. ولد بإشبيلية في المحرم سنة ٥٦١ هـ، وأصلهم من قرطبة، ودرس الحديث على جماعة من أقطاب العصر مثل أبي بكر ابن الجد وأبي عبد الله بن زرقون، وأبي الوليد بن عفير، وعبد المنعم بن الفرس، وأبي ذر الخشنى وغيرهم، وتجول في طلب العلم، وسماع الحديث، حتى صار فيه إماماً حافظاً، ناقداً، ذاكراً تاريخ المحدثين وأنسابهم وموالدهم، ووفياتهم، وتعديلهم وتجريحهم. ومال إلى علم النبات ودراسته، وتمييزه، وتصنيفه، وتجول من أجل ذلك في ربوع الأندلس، والمغرب وإفريقية، ثم رحل إلى المشرق، بعد سنة ٥٨٠ هـ، وتجول في مصر والشام والعراق والحجاز، فدرس الكثير من أصناف النباتات غير المعروفة، ووقف على كثير من غوامضها، قال


(١) ترجمته في التكملة رقم ٦٩٩.
(٢) ترجمته في التكملة رقم ٦٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>