للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إماما في الحديث، ودرس على أقطاب عصره مثل أبي عبد الله بن نوح، وأبي الخطاب ابن واجب، وأبي عمر بن عات، وامتاز ببراعته في علم الحساب، وتحققه من مسائله، وكان فضلا عن ذلك مشاركا في الطب، حافظا للتواريخ، وتوفي سنة ٦١٨ هـ (١).

وكان من أبرع علماء الفلك في أواخر العصر الموحدي، أبو علي الحسن بن علي ابن عمر المراكشي من أهل مراكش، اشتهر بكتابه المسمى " جامع المبادىء والغايات " وهو موسوعة جليلة في الفلك، وتشتمل كذلك على أوصاف الآلات الفلكية التي كانت معروفة في عصره، وبه جداول فلكية، وفهرس للنجوم عن سنة ٦٢٢ هـ، وشروح لخطوط الطول والعرض لكثير من الأماكن. وبالجملة فقد كان أبو علي آية عصره في علمه وفنه، وتوفي في أواخر العصر الموحدي في سنة ٦٦١ هـ (١٢٦٢ م).

ومن أواخر علماء شرق الأندلس أبو بكر محمد بن أحمد الرقوطى المرسى، وكان آية في المعرفة والبراعة، في المنطق والهندسة والرياضيات والطب والموسيقى، وكان فوق ذلك فيلسوفاً وطبيباً ماهراً، يتقن عدة لغات، وكان قد بقى في وطنه مرسية بعد تغلب النصارى عليها (٦٦٤ هـ - ١٢٦٦ م) ولم يقبل أن يغادرها فيمن غادرها من بني وطنه، وقدر المتغلب (خايمى الأول) قدره، وابتنى له مدرسة، يعلم فيها المسلمين والنصارى واليهود، وحاول عبثا أن يغريه باعتناق النصرانية، ثم غادر مرسية أخيراً، تلبية لدعوة ابن الأحمر سلطان غرناطة، فنزل بها، وأقبل عليه طلابها، وكان يدرس الطب، والرياضة والفلك وغيرها، ولم يذكر لنا تاريخ وفاة الرقوطى، ولكن المرجح أنه توفي أواخر القرن السابع (٢). ونستطيع أن نضيف إلى هذا الثبت من علماء الرياضة والفلك، اسم عالم من علماء الزراعة، هو أبو زكريا يحيى بن أحمد بن العوام الإشبيلي، وقد عاش في إشبيلية في أواخر القرن السادس الهجرى (أواخر القرن الثاني عشر الميلادى) واشتهر بكتابه " الفلاحة " وقد اعتمد فيه بالأخص على كتاب الفلاحة لابن بصال الطليطلى، ويقدم إلينا ابن العوام في مؤلفه الضخم عرضا مستفيضا للفنون الزراعية وكيفية العمل في الزراعة والغراسة، وتسميد الأرض وإصلاحها، واختيار البذور والغراس الصالحة، والمواسم الملائمة لزراعة كل صنف،


(١) ترجمته في التكملة رقم ١٦٠٠.
(٢) ترجمة الرقوطى في الإحاطة، مخطوط الإسكوريال ١٦٧٣ الغزيرى - لوحة ١٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>