للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتثقيفهم، ويتوكفون ما تصلكم به المخاطبة، فتقفون عند مقتضاه، ولا يعدلون عن شىء من معناه، مراقبا كل منكم إلاهه ومولاه، علما بأنه يعلم سره ونجواه، وأنه يسمعه ويراه، واعلموا وفقكم الله وأسعدكم، أن هذا الحكم عام في جميع النوازل، التي أطلقت السُّنَة فيها القتل وسنته، وحكمت به وشرعته، كمن قتل نفساً وأقر بالقتل، أو شهد العدول عليه به، ومن بدَّل دينا وارتد عنه، ومن أتى الفاحشة بعد الإحصان، باعتراف أو دليل أو شهادة مقبولة، وما خيّر الأئمة فيه من قتل المحاربين والساعين في الأرض بالفساد، والمتأملين أمر الله بالاستهزاء والعناد، سواء سُنّ ذلك كله أو وقع فيه ضرب يشاكله مجراه، واحد في التوقف عن امضاءه، والتأخر عن تنفيذه، إلا بعد المطالعة، وتعرف وجه العمل من المجاوبة. وكذلك وفقكم الله يكون التوقف فيما عدا المذكور من النوازل، التي يكون [فيها] أحكام دون النفوس من قتل الخطأ وديات الشّجاج، وعقول الأعضاء، وأورش الجراحات، ووجه القصاص، والقطع في السرقات، إلى غير ذلك من القضايا المشكلة في الأموال وإطلاقها واستحقاقها، وفي الرقاب وإعتاقها واسترقاقها، وملتبسات المناكحات والمعاملات، وما أشبهها من الأمور التي الإقدام على الحكم فيها تهجم، والعمل فيها بغير استناد إلى ما يجب تسور، فتوقفوا أعزكم الله عن جميع ما فُسّر لكم، ولو أخفه توقف الساعى في نجاته، العامل لدنياه وآخرته، وقد ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله من الحظر الوكيد، والوعيد الشديد، في إراقة الدماء، واستباحة الأموال، واستحلال الحرمات إلا بوجه صحيح، لا يسلم إلا من طريق العصمة، ولا تهتدى إليه إلا أنوار الحكمة، ما يزع العقلاء، ويكف الألباء، ويحذرهم من سطو الله وعقابه، ويخوفهم من ألم عذابه، فعولوا على ما رسم في هذا الكتاب، من التعريف بما يبطن، وانهاء كل ما ينزل، ليتصلكم من التوقيف، والبيان والتعريف، لما يظهر لكم به بركة الاقتداء، وتستبرق منه عليكم أنوار الائتمام والاهتداء، ويتراءى لكم به الحق في صوره الصادقة، ومثله المطابقة، ومناظره الموافقة، ومطالعه المشرقة، بفضل الله ورحمته، وملاك ما يسدد مقاصدكم في جميع أحوالكم، ويوجب لكم الرضا في كافة أقوالكم وأفعالكم، تقوى الله في السر والجهر، وخيفته في الباطن والظاهر، وقدع النفس عن هواها، وكبحها بلجام النهى عن الركض، في ميدان رداها، وطاعة أمره العظيم والجرى على سننه المستقيم، فذلك عصمة من الزلل،

<<  <  ج: ص:  >  >>