يومئذ زعيم الأندلس الحقيقى. وكان ابن هود قد استطاع في تلك الآونة، أن يبسط سلطانه على الولايات والشواطىء الجنوبية، فيما بين الجزيرة الخضراء وألمرية، وفيما بين قرطبة وغرناطة، وكان يرى في مقاتلة النصارى عاملا لتدعيم دعوته وسلطانه. فسار للقائهم والتقى الجيشان في فحص شريش على ضفاف نهر وادى لكه، ولكن ابن هود هزم للمرة الثانية بالرغم من تفوقه في العدد (أواخر ٦٣٠ - ١٢٣٣ م)، وسار فرناندو بعد ذلك لاجتياح أبدة، فسقطت في يده بعد حصار قصير (٦٣١ هـ - ١٢٣٤ م).
على أن سقوط قرطبة كان أعظم ضربة نزلت يومئذ بالأندلس. وكان ابن هود عقب هزيمته في شريش، قد جمع قواته، وسار لقتال خصمه ومنافسه الجديد محمد بن الأحمر في أحواز غرناطة، وألفى النصارى من جانبهم الفرصة سانحة للزحف على قرطبة. وكانت عاصمة الخلافة القديمة، بالرغم من دخولها في طاعة ابن هود، تعانى من حالة مؤلمة من الاضطراب والفوضى، ولم يكن لها حاكم أو زعيم يجمع الكلمة أو يتزعم حركة الدفاع ضد النصارى. وكان القشتاليون في الحصون القريبة، يشعرون بضعف العاصمة التالدة، وإمكان مهاجمتها، فاجتمعت بعض قوى الفرسان القشتالية المرابطة في حصون الحدود، وسارت نحو قرطبة، وهاجمت قسمها الشرقى المسمى " بالشرقية"، واقتحمته ليلا، وعلى غرة من أهله، واستطاعوا الاستيلاء على بعض أبراجه، ولكنهم رأوا أن الاستيلاء على المدينة ذاتها ليس بالأمر السهل، ولابد لتحقيقه من قوات ضخمة. وعلم فرناندو الثالث، وهو في طريقه إلى ليون بما تم من استيلاء قواته على بعض أبراج المدينة، وبما تبين من ضعف وسائل الدفاع عنها، فارتد إليها مسرعاً تلاحقه قواته من سائر الأنحاء، وضرب الحصار حول المدينة، وبادر أهل قرطبة بالتأهب للدفاع عن مدينتهم، وأرسلوا إلى ابن هود أميرهم الشرعى، يطلبون الغوث والإنجاد. وقدر ابن هود خطورة الموقف، واعتزم في الحال أن يسير إلى إنجاد المدينة المحصورة، فسار في قواته نحو قرطبة، ونزل في إستجة على مقربة منها، ولكنه لبث جامداً لا يحاول الاشتباك مع النصارى. وفي بعض الروايات أن ابن هود رأى جيش القشتاليين يفوقه في الأهبة والكثرة، فنكل عن الاشتباك معه. وفي البعض الآخر، أن ابن هود، وصله وهو على مقربة قرطبة صريخ أبي جميل