للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيم التشمير، محتقراً للعظيمة، مصطعناً لأهل بيته، فضاً فى طلب حظه، حامياً لقرابته وأقرانه وجيرانه، مباشراً للحروب بنفسه، تتغالى الحكايات فى سلاحه وزينة ديابوزه، يخصف النعل، ويلبس الخشن، ويؤثر البداوة، ويستشعر الجد فى أموره " (١).

وكان يعرف بالشيخ ويلقب بأمير المسلمين، وهو اللقب الذى غلب على سلاطين غرناطة فيما بعد. وهو الذى ابتنى حصن الحمراء الشهير، وجعله دار الملك، وجلب له الماء، وسكنه بأهله وولده. وأما تسميته بابن الأحمر فقد اختلفت فى شأنها الرواية. ويقال إن هذه التسمية ترجع إلى نضارة وجهه واحمرار شعره؛ ويرى البعض أنها أُسبغت عليه لإنشائه حصن الحمراء، ولكن سوف نرى عند الكلام على تاريخ الحمراء، أن هذا الاسم أقدم من الدولة النصرية ببضعة قرون، وأنه لا صلة بين هذا الإسم الذى أطلق على الحصن والقصور الملكية، التى أنشأها محمد بن يوسف وبنوه من بعده، وبين تلقيبهم ببنى الأحمر، كما أنه ليس ثمة بين القبائل العربية أية قبيلة تحمل هذا اللقب، ويمكن أن ينسب إليها بيت غرناطة الملكى (٢). وكان ابن الأحمر يباشر الأمور بنفسه، ويدقق فى جمع الأموال والجبايات حتى امتلأت خزائنه بالمال والسلاح. وكان يعقد للناس مجالس عامة يومين فى الأسبوع، يستمع فيها إلى الظلامات وذوى الحاجات، ويستقبل الوفود، وينشده الشعراء. وكان يجرى فى تصريف شئون الملك على قاعدة الشورى، فيعقد مجالس يحضرها الأعيان والقضاة ومن إليهم من ذوى الرأى، للاسترشاد برأيهم، ونصحهم (٣). وكان فى مقدمة وزرائه أبو مروان عبد الملك بن يوسف بن صناديد زعيم جيّان، وهو الذى مكنه من التغلب عليها، والقائد أبو عبد الله محمد بن محمد الرميمى ولد صاحب المرية السابق. وكان بين كتابه المحدث الشهير أبو الحسن على بن محمد بن سعيد اليحصبى اللوشى. وكان من شعرائه أبو الطيب الرندى


(١) الإحاطة فى أخبار غرناطة ج ٢ ص ٦١.
(٢) راجع مقدمة أطلس " الحمراء " Alhambra الذى وضعه Owen Jones & Jules Goury وكتبها المستشرق جاينجوس ( London ١٨٤٢) ص ٥ الهامش. وتسمى الدولة النصرية على الأغلب بدولة بنى الأحمر، ويؤثر ابن خلدون تسميتها بذلك الاسم (ج ٤ ص ١٧٠ وما بعدها).
(٣) ابن خلدون ج ٧ ص ١٩٠؛ واللمحة البدرية ص ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>