مستهلة بالبسملة والصلاة على النبى ومحررة أمام "القاضى الأروع الأورع أبى الحسن على القريشى". وقد جاء فيها ما يأتى:
"أشهدوا على أنفسهم أبو الحجاج يوسف الحضرمى ومحمد بن محمد بن جعفر الزهرى، ويوسف بن زيد، وأحمد بن المكحل، ويوسف شداد بن دجنبر مسلمان ساكنان فى ربض المسلمين ببلدة برجة حاضرون بغايبون كل واحد منهم عنه وعن الكل، بأنهم دانوا الاشتراك الشابلى إسراييل ساكن بلدة المذكورة أو لمن ظهر هذا العقد عنده ثلثماية واثنين وثلثين فلريناش ذهباً قالب أرغون من سكة طيبة موزونة ... الخ" وفى ذيلها عدة من أسماء الشهود المسلمين.
وفيما أوردناه من نص هذه الوثيقة، ما يدل على أنه كانت توجد فى تلك المنطقة النائية من شمال اسبانيا، فى بلاد نافار، أقليات مسلمة لها أحياء خاصة حيث وجدت، وتتمتع بالتعامل بلغتها القومية أمام قاضيها الخاص، وذلك فى هذا العصر المتأخر، فى أواخر القرن الرابع عشر، أعنى بعد مرور أكثر من ثلاثة قرون على استيلاء النصارى على سائر القواعد الإسلامية فى تلك الأنحاء.
وكانت مسألة التدجن هذه وبقاء المسلمين فى الأرض التى يفتتحها النصارى تثير كثيراً من المسائل الفقهية، وكان بعض الفقهاء يرمى أولئك المدجنين بالمروق عن الإسلام لبقائهم تحت حكم النصارى. وقد عثرت خلال بحوثى فى مكتبة الإسكوريال على رسالة مخطوطة تتناول هذه المسألة، وهى عبارة عن فتوى طلبها أحد الفقهاء عن حكم الشرع فيمن آثر من المسلمين الأندلسيين الهجرة من دار الإسلام إلى الأراضى المفتوحة ليعيش تحت حكم النصارى، والمقصود بهؤلاء بنوع خاص أولئك الذين هاجروا من القواعد الأندلسية المفتوحة إلى بلاد المغرب، ثم لم يجدوا بها ما أملوا من رخاء ويسر فى العيش، وترتب على ذلك أنهم ندموا على هجرتهم، وتمنوا العودة إلى ديارهم القديمة تحت حكم ملك قشتالة، وتتضمن الرسالة الأسئلة الآتية:
"ما حكم من تمادى من المسلمين فى ذلك؟ وما حكم من عاد منهم إلى دار الكفر بعد حصوله فى دار الإسلام؟ وهل يجب وعظ هؤلاء أو يعرض عنهم ويترك كل واحد منهم لما اختاره؟ وهل من شرط الهجرة أن لا يهاجر أحد إلا إلى دنيا مضمونة يصيبها عاجلا عند وصوله، جارية على وفق غرضه حيث حل من نواحى الإسلام، أو ليس ذلك بشرط بل تجب عليهم الهجرة من دار الكفر إلى دار