الإسلام، إلى حلو أو مر أو وسع أو ضيق أو عسر أو يسر بالنسبة لأحوال الدنيا، وإنما القصد بها سلامة الدين والأهل والولد، والخروج من حكم الملة الكافرة إلى حكم الملة المسلمة، إلا ما شاء الله من حلو أو مر أو ضيق عيش أو سعة ونحو ذلك من أحوال الدنيا.
وقد رد الفقيه المسئول، وهو أحمد بن يحيى التلمسانى الونشريشى عن هذه المسائل بما خلاصته:
١ - أن الهجرة من أرض الكفر إلى أرض الإسلام فريضة إلى يوم القيامة، وكذلك الهجرة من أرض الحرام والباطل. وهو يؤيد قوله بطائفة من الأحاديث النبوية.
٢ - ولا يُسقط هذه الهجرة الواجبة على هؤلاء الذين استولى الطاغية على معاقلهم وبلادهم، ولا يتصور العجز عنها بكل وجه وحال، لا الوطن ولا المال، فإن ذلك كله ملغى فى نظر الشرع. وأما المستطيع بأى وجه كان وبأى حيلة تمكنت، فهو غير معذور وظالم لنفسه إن أقام. والظالمون أنفسهم إنما هم التاركون للهجرة مع المقدرة عليها حسبما تضمنه قوله تعالى:"ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ... ". والمعاقب عليه إنما هو من مات مصراً على هذه الإقامة.
٣ - وتحريم هذه الإقامة تحريم مقطوع به من الدين، كتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وقتل النفس بغير حق ... ومن جوّز هذه الإقامة واستخف أمرها، واستسهل حكمها فهو مارق من الدين، ومفارق لجماعة المسلمين، ومحجوج بما لا مدفع فيه لمسلم، ومنبوذ بالإجماع الذى لا سبيل إلى مخالفته وخرق سبيله.
قال زعيم الفقهاء القاضى أبو الوليد بن رشد رحمه الله فى أول "كتاب التجارة، إلى أرض الحرب"، من مقدماته: فرض الهجرة غير ساقط بل الهجرة باقية لازمة إلى يوم القيامة، وأجاب بإجماع المسلمين على من أسلم بدار الحرب أن لا يقيم بها حيث تجرى عليه أحكام المشركين، وأن يهجره ويلحق بدار المسلمين حيث تجرى عليه أحكامهم.
٤ - ثم لما نبعت هذه الموالاة النصرانية فى الماية الخامسة وما بعدها من تاريخ الهجرة وقت استيلاء ملاعين النصارى دمرهم الله على جزيرة صقلية وبعض كور الأندلس، سئل فيها بعض الفقهاء، واستُفهموا عن الأحكام الفقهية المتعلقة بمرتكبها، فأجاب بأن أحكامهم جارية مع أحكام من أسلم ولم يهاجر، وألحقوا