الصغيرة الناشئة تدافع عن كيانها واستقلالها بصعوبة، خلال هذه الأطماع المضطرمة، وقد استطاع ملك قشتالة القوى ألفونسو ريمونديس (١١١٧ - ١١٥٧ م) الذى تلقب بالقيصر، أن يبسط على اسبانيا النصرانية فى أواخر حكمه حماية عامة، على أنه لم يحكم بالفعل سوى قشتالة وليون وجلِّيقية.
وفى أواخر القرن الثانى عشر، عادت الحرب الأهلية تعصف بالممالك النصرانية، وتضطرم بين نافار وبين قشتالة وأراجون. ونراها تضطرم عقب موقعة الأرك، بين قشتالة وبين نافار وليون المتحالفين على قتالها. وكانت نافار المملكة الصغيرة الباسلة تدافع عن استقلالها إزاء أطماع جيرانها الأقوياء دفاعاً متواصلا، ولاسيما فى عهد ملكها سانشو السابع آخر ملوكها الأقوياء، وكان سانشو ينظر إلى تحالف جارتيه قشتالة وأراجون بعين الجزع، ويستشعر منه الخطر الداهم على ملكه واستقلال أمته، ولم يكتف بالتحالف مع ليون وهى المملكة الصغيرة الأخرى التى تخشى على استقلالها من أطماع قشتالة، بل حاول أن يستمد عون سلطان خليفة الموحدين الظافر يعقوب المنصور، وأن يعقد معه محالفة دفاعية، وسار فى بطانته إلى إشبيلية يحاول لقاءه، ولكن الخليفة المنصوركان قد توفى فى ذلك الحين. ولما عاد سانشو ألفى جاريه القويين بيدرو الأول ملك أراجون وألفونسو الثامن ملك قشتالة، قد انقضا فى غيابه على نافار يحاولان اقتسامها؛ وبالرغم مما أبداه النافاريون من الدفاع الباسل فقد استطاع ألفونسو أن ينتزع ولايات بسكونية وأن يضمها إلى مملكته (سنة ١٢٠٠ م)، واستطاع بيدرو أن ينتزع بعض الأراضى المجاورة لأراجون، ولم يبق من مملكة نافار القديمة سوى جزئها الشمالى. ولم تمض فترة قصيرة أخرى حتى ذهب هذا الجزء إلى حوزة حكام فرنسا الجنوبيين بطريق المصاهرة والوراثة (١٢٣٤ م). وبذلك اختفت هذه المملكة الصغيرة الباسلة من بين ممالك اسبانيا النصرانية.
ولم يمض قليل على ذلك حتى اختفت مملكة ليون القديمة، جارة قشتالة من الغرب. وذلك أنه لما توفى ألفونسو الثامن (النبيل) ملك قشتالة فى سنة ١٢١٤ م، خلفه ولده الطفل هنرى، وكانت كبرى بناته الأميرة برنجيريا قد تزوجت بألفونسو التاسع ملك ليون، ثم طلقت منه بعد أن رزقت بعدة أولاد أكبرهم فرناندو. وثار فى قشتالة مدى حين نزاع على وصاية الملك الطفل هنرى، ثم توفى قبل أن يبلغ رشده قتيلا فى حادث. وكان ألفونسو النبيل قد قرر فى وصيته أنه إذا انقرض