للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقبه من الذكور، فإن العرش يؤول عندئذ إلى ابنته الكبرى برنجيريا ثم إلى أعقابها الشرعيين، وهكذا قدر لفرناندو ولد برنجيريا من ألفونسو التاسع ملك ليون، أن يرقى عرش قشتالة باسم فرناندو الثالث، وهو الذى غدا فيما بعد من أعظم ملوك قشتالة. ولما توفى أبوه ألفونسو التاسع ملك ليون وجليقية فى سنة ١٢٣٠ م، خلفه أيضاً فى ملك ليون باعتباره وارث العرش الشرعى، وبذلك اتحدت مملكتا قشتالة وليون تحت تاج واحد، واختفت مملكة ليون وجليقية القديمة من عداد الممالك الإسبانية النصرانية، وأضحت قشتالة بهذا الاتحاد أقوى الممالك الإسبانية، وأوسعها رقعة وأغناها موارد، واستطاع فرناندو الثالث بفضله أن يحرز التفوق على المسلمين، وأن يفتتح قواعد الأندلس العظيمة قرطبة وجيان وإشبيلية، وهى التى عجز عن افتتاحها جميع أسلافه من الملوك النصارى.

وهكذا غدت الممالك الإسبانية النصرانية منذ أوائل القرن الثالث عشر، ثلاثا فقط، هى قشتالة وأراجون والبرتغال، وبينما قنعت البرتغال بالعمل على توطيد استقلالها وافتتاح الأراضى الإسلامية الواقعة فى جنوبها، وهى التى تعرف بولاية الغرب، إذا بقشتالة وأراجون تعملان معا للمضى فى تحقيق الغاية القومية والدينية الكبرى، التى تعمل لها اسبانيا النصرانية منذ قرون، وهى القضاء على الدولة الإسلامية بالأندلس واستخلاص تراث الوطن القديم.

- ٢ -

فى الوقت الذى انهارت فيه دولة الموحدين بالأندلس، على أثر انهيارها فى المغرب، وملك ابن هود مرسية وشرقى الأندلس، وغلب ابن الأحمر على بعض القواعد الجنوبية والوسطى، مثل وادى آش وبسطة وجيان، وغلب بعض الزعماء على إشبيلية وقواعد ولاية الغرب، وأخذ هؤلاء الزعماء المسلمون يتربص بعضهم ببعض ويحاول كل منهم أن ينتزع ما فى يد الآخر من القواعد والحصون، شعرت مملكة قشتالة المتحدة القوية بأن الفرصة قد سنحت لتسديد ضربتها المميتة إلى الأندلس وبادر ملكها فرناندو الثالث بغزو الأراضى الإسلامية. وكانت معظم القواعد والحصون المتاخمة لقشتالة دون دفاع يذكر، فافتتح عدداً من الحصون واستولى على مدينة أُبَّدة فى سنة ١٢٣٢ م (٦٣١ هـ). وفى أوائل سنة ١٢٣٣ م سار فرناندو لغزو قرطبة عاصة الخلافة القديمة، وكانت أثناء الحرب الأهلية قد انضوت تحت لواء ابن هود ونادت بطاعته، وهاجم القشتاليون قصبتها الشرقية بشدة، وضربوا

<<  <  ج: ص:  >  >>