للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفكك والانحلال. ولما توفى ملكهم الناصر، وهو المهزوم فى موقعة العقاب، سنة ٦١٠ هـ، ولى بعده ولده يوسف المستنصر، وكان فتى حدثاً ضعيف الهمة والخلال، فانكب على لهوه وساءت أمور المملكة وسرت إليها الفوضى. ففى تلك الآونة التى بدأ فيها ملك الموحدين يهتز فى يد القدر، نفذ بنو مرين إلى المغرب، وتوغلوا فى جنباته، واشتبكوا مع الموحدين لأول مرة فى سنة ٦١٣ هـ، إذ حاول الملك المستنصر أن يقضى عليهم، فأرسل جيوشه لقتالهم ولكنها هزمت، ووصل بنو مرين إلى أحواز فاس؛ وكان أمير بنى مرين يومئذ أبو محمد عبد الحق بن خالد ابن محيو، ولكنه قتل فى بعض المواقع فى سنة ٦١٤ هـ، فخلفه فى الإمارة ولده أبو سعيد عثمان، واستمر يقود قومه فى ميدان النضال ضد الموحدين (١).

وفى سنة ٦٣٩ هـ (١٢٤١ م) سير الرشيد خليفة الموحدين جيشاً لقتال بنى مرين فهزم الموحدون هزيمة شديدة، واستولى المرينيون على معسكرهم. وتوفى الرشيد فى العام التالى. فخلفه فى الملك أخوه أبو الحسن السعيد، واعتزم أن يضاعف الجهد للقضاء على بنى مرين، فسير لقتالهم فى سنة ٦٤٢ هـ (١٢٤٤ م) جيشاً ضخماً ونشبت بين الموحدين وبين بنى مرين موقعة هائلة، هزم فيها بنو مرين وقتل أميرهم أبو معرِّف محمد بن عبد الحق، وكانت ضربة شديدة هدّت من عزائمهم مدى حين.

وتولى إمارة بنى مرين بعد مقتل أبى معرف، أخوه أبو بكر بن عبد الحق الملقب بأبى يحيى. وفى عهد اشتد ساعد بنى مرين واستولوا على مكناسة (٦٤٣ هـ) ثم زحفوا على فاس واستولوا عليها بعد حصار شديد (٦٤٨ هـ - ١٢٥٠ م). وكان سقوط فاس حاضرة المغرب القديمة، أعظم ضربة أصابت دولة الموحدين، وكان نذير الإنهيار النهائى. ثم استولوا على سجلماسة ودرعة (٦٥٥ هـ). ولما توفى أبو يحيى سنة ٦٥٦ هـ، تولى أخوه أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق من بعده رياسة بنى مرين وجعل مدينة فاس حاضرة ملكه. وفى سنة ٦٥٧ هـ نشبت الحرب بين بنى مرين وبين الأمير يَغْمُراسن بن زيان ملك المغرب الأوسط وزعيم بنى عبد الواد، فهزم يغمراسن وارتد إلى تلمسان. وفى العام التالى (٦٥٨ هـ) هاجم النصارى (الإسبان) فى سفنهم ثغر سلا فجأة، وقتلوا وسبوا كثيراً من أهله، فبادر أبو يوسف بإنجاده، وحاصر النصارى بضعة أسابيع حتى جلوا عنه.

ثم كانت الموقعة الحاسمة بين الموحدين وبنى مرين، ففى أواخر سنة ٦٦٧ هـ


(١) الذخيرة السنية، ص ٩٣ و ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>