للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرب يحمل إليه رسالة استغاثة مؤثرة، فشرحوا له حال الأندلس من الضعف ونقص الأهبة، وتكالب العدو القوى عليها، واستصرخوه للغوث والجهاد ومما جاء فى رسالة ابن الأحمر إلى أبى يوسف بعد الديباجة:

مرين جنود الله أكبر عصبة ... فهم فى بنى أعصارهم كالمواسم

مشنفة أسماعهم لمدائح ... مسورة إيمانهم بالصوارم

"تطول علينا بمعلوم حدك ومشهود جدك، قد جعلك الله رحمة تحيى عيشها بجيوشك السريعة، وخلفك سُلَّما إلى الخير وذريعة، فقد تطاول العدو النصرانى على الإسلام، واهتضم جناحه كل الاهتضام، وقد استخلص قواعدها، ومزق بلدانها، وقتل رجالها وسبى ذراريها ونساءها، وغنم أموالها. وقد جاء بإبراقه وإرعاده، وعدده وإيعاده، وطلب منا أن نسلم له ما بقى بأيدينا من المنابر والصوامع والمحاريب والجوامع، ليقيم بها الصلبان، ويثبت بها الأقسة والرهبان. وقد وطأ الله لك ملكا عظيما شكرك الله على جهادك فى سبيله، وقيامك بحقه، وإجهادك فى نصر دينه وتكميله، ولديك من نية الخير، فابعث باعث بعثك إلى نصر مناره، واقتباس نوره، وعندك من جنود الله من يشترى الجنات بنفسه، فإن شئت الدنيا فالأ، دلس قطوفها دانية، وجناتها عالية، وإن أردت الآخرة بها جهاد لا يفتر، وهذه الجنة ادخرها الله لظلال سيوفكم، واحتمال معروفكم، ونحن نستعين بالله العظيم وبملائكته المسومين، ثم بكم على الكافرين" (١).

ثم تتابعت رسل ابن الأحمر وبنى أشقيلولة إلى السلطان أبى يوسف، ينوهون بالخطر الداهم الذى يهدد الأندلس، ويلتمسون إليه المبادرة بالإسعاف والإمداد، فاستجاب السلطان أخيراً لدعوتهم، وكتب إلى ابن الأحمر يطمئنه، ويعرب عن عزمه على الجواز إلى الأندلس فى فاتحة سنة أربع وسبعين، ومما جاء فى رسالته:

"وإنا لنرجو أن نصلكم بنفوس صلح جهرها وسرها، ونسقى بماء الثلج واليقين غرها، ونقدم عليكم بما يبسط نفوسكم ويسرها، ويطلع لها الفرح من المكاره ويذهب عسرها، فلتطب نفوسكم برحمة الله وعونه، ولتفرحوا بفضل الله وصونه، ونحن قادمون عليكم فى إثر هذا إن شاء الله، ووعدنا بوفاء يعين الله على أعدائه" (٢).


(١) راجع هذه الرسالة بأكملها فى الذخيرة السنية ص ١٥٩ - ١٦١.
(٢) راجع نص رسالة السلطان أبى يوسف بأكمله فى الذخيرة السنية ص ١٦٢ و ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>