الأندلس، ولكن عاقته حوادث المغرب حينا. وفى أوائل سنة ٦٧٨ هـ (١٢٧٩ م) بعث ولده الأمير أبا يعقوب إلى الأندلس فى أسطول ضخم، ونشبت بينه وبين أسطول النصارى المرابط شرق المضيق معركة هائلة، هزم النصارى على أثرها واستولى المسلمون على سفنهم، ونزلوا بالجزيرة، فغادرها النصارى فى الحال.
وأراد الأمير أبو يعقوب أن يتبع نصره، بعقد الصلح مع ملك قشتالة والتحالف معه على قتال ابن الأحمر ومهاجمة غرناطة، فأنكر عليه أبوه السلطان ذلك، ثم زحف جند المغرب على ثغر مربلَّة، وهو من أملاك ابن الأحمر تريد الاستيلاء عليه، فامتنع عليهم. وانتهز القشتاليون تلك الفرصة، فزحفوا على غرناطة ومعهم بنو أشقيلولة، فلقيهم ابن الأحمر وردهم على أعقابهم (٦٧٩ هـ). بيد أنه بالرغم من هذا النصر المؤقت أخذ يشعر بدقة موقفه، وخطورة القوى التى يواجهها، سواء من جانب القشتاليين، أو من جانب الجيوش المغربية، التى استدعيت فى الأصل لتكون له سنداً وغوثاً، فانقلبت إلى مناوأته وقتاله. ومن جهة أخرى فقد كان السلطان المنصور يخشى عاقبة هذا التصرف على مصير المسلمين؛ وعلى ذلك فقد بعث إلى ابن الأحمر فى وجوب عقد المودة والتفاهم، فلقى لديه مثل رغبته، وبادر السلطان إلى عقد أواصر الصلح والتحالف بين المسلمين، على أن ينزل ابن الأحمر عن مالقة للسلطان المنصور، لتكون له قاعدة للعبور والغزو.
وصفا جو العلائق على أثر ذلك بين ابن الأحمر وبنى مرين، وشغل السلطان المنصور حينا بمحاربة الخوارج عليه.
...
ولم يمض قليل على ذلك، حتى عادت شئون الأندلس تستغرق اهتمام المنصور؛ وكانت شئون الأندلس قد غدت فى الواقع عنصراً بارزا فى سياسة بنى مرين، وكانت مملكة غرناطة حتى فى ذلك الوقت الذى انكمشت فيه الدولة الإسلامية فى الأندلس، تلعب دورها فى شئون اسبانيا النصرانية كلما اضطربت فيها الحوادث. ولما سطع نجم الدولة المرينية فيما وراء البحر، اتجه إليها اهتمام النصارى، وكانت كلما وقعت فى قشتالة حرب أهلية، لجأ هذا الفريق أو ذاك إلى مؤازرة غرناطة أو بنى مرين، على غرار ما كان يحدث فى الماضى. ومن ذلك ما حدث فى سنة ٦٦٩ هـ (١٢٧٠ م) من خروج الإنفانت فيليب على أخيه ألفونسو العاشر مع جماعة من النبلاء، والتجائهم إلى السلطان المنصور فى طلب العون واستجابته