للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا حسرتى لحمية الإسلام قد ... خمدت وكانت من قبل ذا تتوقد

أبنى مرين أنتم جيراننا ... وأحق من فى صرخة بهم ابتدى

أبنى مرين والقبائل كلها ... فى المغرب الأدنى لنا والأبعد

كتب الجهاد عليكم فتبادروا ... منه إلى القرض الأحق الأوكد

أنتم جيوش الله ملىء فضائه ... تأسون للدين الغريب المفرد (١).

وفى أوائل سنة ٦٧٦ هـ توفى أبو محمد بن أشقيلولة صاحب مالقة، فعبر ولده محمد إلى المغرب ونزل عنها للسلطان، فبعث إليها السلطان حاكما من قبله، فزاد ذلك فى توجس ابن الأحمر، وأرسل وزيره أبا سلطان عزيز الدانى فى بعض قواته إلى مالقة، ليحاول الاستيلاء عليها، فلم يوفق. ولم تمض أشهر قلائل على ذلك حتى عبر السلطان أبو يوسف المنصور البحر إلى الأندلس للمرة الثانية فى سنة ٦٧٧ هـ (١٢٧٨ م)، ونزل بمالقة فاحتفل به أهلها، ثم توغل بجيشه فى أرض النصارى يعيث فيها، ومعه بنو أشقيلولة فى جندهم، حتى أحواز إشبيلية. واجتنب القشتاليون لقاءه. ثم دعا ابن الأحمر إلى لقائه، فوافاه عند قرطبة والريب يملأ نفسه، وتبادل الملكان عبارات العتاب والتعاطف، ولكن ابن الأحمر لم تطمئن نفسه، وعاد السلطان إلى المغرب دون أن تصفو القلوب.

وزاد توجس ابن الأحمر لحوادث مالقة وانحيازها إلى السلطان، وجال بخاطره أن التفاهم مع ملك قشتالة خير وأبقى. وفى أواخر سنة ٦٧٧ هـ استطاع ابن الأحمر أن يستولى أخيراً على مالقة. وذلك بإغراء صاحبها بالنزول عنها، والاستعاضة بالمنكَّب وشلوبانية (٢). ثم سعى إلى التفاهم مع ملك قشتالة والتحالف معه، على منع السلطان المنصور من العبور إلى الأندلس. ونزلت القوات القشتالية بالفعل فى الجزيرة. وكاتب ابن الأحمر أيضاً الأمير يَغْمُراسن ملك المغرب الأوسط، وخصم السلطان المنصور، يسأله العون والتحالف. وعلم المنصور بذلك فأراد العبور توا إلى


(١) نقل إلينا ابن خلدون هذه القصيدة بأكملها (ج ٧ ص ١٩٨ - ٢٠٠) وفيها كثير من المعانى التى وردت فى مرثية أبى البقاء الرندى، كما أشار إلى ردود السلطان أبى يوسف إشارة عابرة (ص ٢٠٠).
(٢) المنكب، وبالإسبانية Almunecar، وشلوبانية وبالإسبانية Salobrena ثغران صغيران من ثغور مملكة غرناطة القديمة، يقع كلاهما جنوبى غرناطة على البحر الأبيض المتوسط وتفصلهما عن بعضهما مسافة صغيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>