للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بموافقة حليفه، ويتعهد ملك أراجون لسلطان غرناطة بمثل ما تقدم، كما يتعهد السلطان بمعاونة حليفه بفرسان من عنده فى أرض مرسية إذا احتاج إلى هذا العون، وألا يعترض سلطان غرناطة على ما يأخذه ملك أراجون من أراضى قشتالة، إلا المواضع التى كانت لغرناطة، فهذه ترد إليها. وقد وقعت هذه المعاهدة فى آخر ربيع الثانى سنة ٧٠١ هـ (٣١ ديسمبر سنة ١٣٠١ م) (١)؛ ولم يمض على عقدها بضعة أشهر حتى توفى السلطان فى شعبان سنة ٧٠١ هـ (مايو سنة ١٣٠٢ م) بعد أن حكم أكثر من ثلاثين عاماً، وقد زاد ملك بنى الأحمر فى عهده توطداً واستقراراً، بالرغم مما توالى فيه من الأحداث الخطوب. وكان وزيره فى أواخر عهده الكاتب والشاعر الكبير أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن الحكيم اللخمى وهو من مشايخ رندة، وكان من قبل من كتابه فى ديوان الإنشاء، وكان رجلا وافر العزم قوى الشكيمة، ولقب بذى الوزارتين لجمعه بين الكتابة والوزارة، وكان لحزمه وقوة نفسه أكبر أثر فى استقرار الأمور فى هذا العهد (٢).

- ٢ -

وخلف محمداً الفقيه ولده أبو عبد الله محمد الملقب بالمخلوع، وكان ضريراً، وكان ذا نباهة وعزم، عالماً شاعراً يؤثر مجالس العلماء والشعراء، ويصغى إليهم ويجزل صلاتهم، محباً للإصلاح والإنشاء. وكان بين منشآته المسجد الأعظم بالحمراء، فهو الذى أمر ببنائه على أبدع طراز، وزوده بالعمد والنقوش والثريات الفخمة؛ ولكنه لم يحسن تدبير شئون الملك والسياسة، وغلب عليه كاتبه ووزيره ووزير أبيه من قبل أبو عبد الله محمد بن الحكيم اللخمى، فاستبد بالأمر دونه وحجر عليه، فاضطربت الأمور، وأخذت عوامل الانتقاض تجتمع وتبدو فى الأفق.

وفى عهده القصير، اضطربت علائق مملكة غرناطة وبنى مرين مرة أخرى. والواقع أنه حاول فى بداية عهده، أن يعمل على إحكام المودة بينه وبين بنى مرين،


(١) حصلنا على صور فتوغرافية لأصل هذه الوثيقة وسائر الوثائق الأخرى التى تتضمن معاهدات أو مراسلات تبودلت بين ملوك غرناطة وملوك أراجون من دار المحفوظات ببرشلونة المسماة "محفوظات التاج الأرجونى" Archivo de la Corana de Aragon، وتحفظ هذه الوثيقة بها برقم ١٤٨. ومن جهة أخرى فقد نشر نصها فى مجموعة الوثائق الدبلوماسية التى أصدرها: Alarcon و R. O. de Linares بعنوان: Los Documentos Arabes diplomaticos del Archivo de la Corona de Aragon (No. ٣) .
(٢) يترجم له ابن الخطيب بإفاضة فى الإحاطة ج ٢ ص ٢٧٨ وما بعدها (طبعة قديمة).

<<  <  ج: ص:  >  >>