فأرسل وزير أبيه أبا سلطان عزيز الدانى ووزيره ابن الحكيم إلى سلطان المغرب، ليجددا عهد المودة والصداقة، فوفدا عليه وهو بمعسكره محاصراً لتلمسان، فأكرم وفادتهما وطلب إليهما إمداده ببعض جند الأندلس الخبراء فى منازلة الحصون، فأرسلت إليه قوة منهم أدت مهمتها أحسن أداء. ولاح أن أواصر المودة أضحت أشد ما يكون توثقاً بين الفريقين، ولكن ابن الأحمر عرض له فجأة أن يعدل عن محالفة سلطان المغرب، وأن يعود إلى محالفة ملك قشتالة، فغضب السلطان أيو يعقوب لذلك، ورد جند الأندلس (٧٠٣ هـ). وبدأ ابن الأحمر أعمال العدوان، بأن أوعز إلى عمه وصهره الرئيس أبى سعيد فرج بن إسماعيل صاحب مالقة، أن يحرض أهل سبتة فى الضفة الأخرى من البحر، على خلع طاعة السلطان، واستعد ابن الأحمر فى الوقت نفسه لمحاربة السلطان، إذا عنَّ له أن يعبر إلى الأندلس، وجهز الرئيس أبو سعيد حملة بحرية فى مياه مالقة بحجة مدافعة النصارى، ثم سيرها فجأة إلى المغرب، وذلك فى شوال سنة ٧٠٥ هـ (١٣٠٦ م). وكانت الحملة بقيادة عثمان بن أبى العلاء المرينى. فاستولت على سبتة، وجاء الرئيس أبو سعيد فاستبد بأمرها، وأعلن انضواءها تحت لواء ابن الأحمر، وقبض على ابن العزفى حاكمها من قبل السلطان وآله، وأرسل إلى غرناطة. ووقف السلطان أبو يعقوب على هذه الحوادث وهو تحت أسوار تلمسان، فوجد لذلك الغدر، وبعث حملة بقيادة ولده أبى سالم إلى سبتة فحاصرها حيناً، ولكنه أخفق فى الاستيلاء عليها وارتد أدراجه، وخرج فى إثره عثمان بن أبى العلاء فى جند الأندلس، وعاث فى أحواز سبتة وما جاورها (سنة ٧٠٦ هـ).
وكان لتطور الحوادث على هذا النحو أسوأ وقع فى نفس السلطان أبى يعقوب، فاعتزم أن يسير بنفسه إلى استرداد سبتة، ولكن حدث بينما كان يجد فى الأهبة أن اغتاله كبير الخصيان، فى مؤامرة دبرها الخصيان للتخلص منه خوفاً من أن يبطش بهم، فتوفى قتيلا فى ذى القعدة سنة ٧٠٦ هـ (أبريل سنة ١٣٠٧ م)؛ ونشبت عقب مصرع السلطان حرب أهلية حول العرش بين ولديه أبى ثابت وأبى سالم، هزم فيها أبو سالم وقتل، واستقر أبو ثابت على العرش.
وفى ذلك الحين كانه عثمان بن أبى العلاء المرينى، يتوغل بجنده فى شمال المغرب، وكان هذا الجندى الجرىء يتجه بأطماعه نحو عرش المغرب، ويعتمد فى تحقيق مشروعه على أنه سليل بنى مرين. ولما توغل بجنده جنوبا، دعا لنفسه بالملك